للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعلَمُ. قَالَ: يَا أَبَا المُنذِرِ أَتَدرِي أَيُّ آيَةٍ مِن كِتَابِ الله مَعَكَ أَعظَمُ؟ قال: قُلتُ: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدرِي وَقَالَ: لِيَهنِكَ العِلمُ أَبَا المُنذِرِ.

رواه أحمد (٥/ ١٤٢)، ومسلم (٨١٠).

* * *

ــ

فيه. وتأولوا هذا اللفظ: بأن أفعل يأتي بمعنى فعيل؛ كما قال - تعالى -: {وَهُوَ أَهوَنُ عَلَيهِ} وهذا فيه نظر؛ فإنا نقول: إن أريد بالنقص اللازم من التفضيل إلحاق ما يعيب المفضول؛ فهذا ليس بلازم مطلقًا، وإن أريد بالنقص: أن المفضول ليس فيه ما في الأفضل من ذلك القدر الذي زاد به؛ فهو الحق، ولولا ذلك لما تحققت المفاضلة. ثم لا يجوز إطلاق النقص ولا الأنقص على شيء من كلام الله - تعالى -. وأما تأويل الحديث فهو وإن كان فيه مسوّغًا، فلا يجري في كل موضع يستدل به على التفضيل، فإن منها نصوصًا لا تقبل التأويل؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن (١)، وغير ذلك مما في هذا المعنى.

وإنما كانت آية الكرسي أعظم؛ لما تضمنته من أوصاف الإلهية وأحكامها، على ما لا يخفى على من تأملها، فإنها تضمنت من ذلك ما لم يتضمنه غيرها من الآي. وقال بعض المتأخرين: إن هذه الآية اشتملت من الضمائر العائدة على الله - تعالى - على ستة عشر، وكلها تفيد تعظيمًا لله - تعالى -، فكانت أعظم آية في كتاب الله - تعالى - لذلك. والله أعلم.

وقوله لأُبيٍّ حين أخبره بذلك: ليهنك العلم، وضربه صدره: تنشيط له، وترغيب في أن يزداد علمًا وبصيرة، وفرح بما ظهر عليه من آثاره المباركة، وفيه إلقاء العالم المسائل على المتعلم؛ ليختبره بذلك.


(١) سبق تخريجه في الصفحة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>