السبعة أحرف هي سبع لغات من لغات العرب. قال أبو عبيد: يَمَنُها، ومَعَدُّها، وهي أفصح اللغات وأعلاها من كلامهم، وقيل: بل هذه السبع لغات لمضر لا لغيرها. قالوا: وهذه اللغات مُتفرِّقة في القرآن، لا يلزم اجتماعها في الكلمة الواحدة، ولو اجتمعت لم يكن في ذلك بُعد، ويمكن أن يُقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعها من جبريل في عَرَضَات سبع، أو في واحدة، ويُوقفه على المواضع المختلف فيها. ثم لا يشترط أن يكون اختلاف هذه اللغات السبع في كيفيَّات الكلمات من: الإدغام، والإظهار، والمدّ، والقصر، والإمالة، والفتح، وما بين اللفظين، والتغليظ، والترقيق، واختلاف الإعرابات فقط، بل يجوز أن يكون في هذه كلها، وفي ألفاظ مترادفة على معنى واحد، كما قد رُوي أنه قُرئ:{انظُرُونَا نَقتَبِس مِن نُورِكُم} وأخرونا وأنسئونا، وفي قوله:{كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَشَوا فِيهِ} ومروا وسَعَوا، وفي قوله:{فَاسعَوا إِلَى ذِكرِ اللَّهِ} وامض ا، وفي زيادة ألفاظ: فيزيد بعضهم كلمة، وينقصها غيرهم؛ كما في قوله: من تحتها وأسقطها آخرون، و:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ} و (أن الله الغني) بإسقاط هو. وهذا النحو من الاختلاف هو الذي كثر في خلافة عثمان، حتى خاف أن يتبدَّل كثير من القرآن، ويتغيّر، ويختلف الناس، فاتفق نظره ونظر الصحابة أجمعين على جمع الناس على مصحف واحد، فكتبوه على لغة قريش، وعلى حرق ما عداه من المصاحف المخالفة لذلك المصحف، وهذا النحو من الاختلاف هو الذي أنكره عمر، لَمَّا سمعه من هشام، والذي أنكره أُبيٌّ أيضًا وعَظُم عليه؛ لأنهما لما سمعا كلماتٍ مخالفة للتي قرآ بها على النبي - صلى الله عليه وسلم -. [وقد دلّ على هذا: أن النسائي (١) أخرج هذا الحديث. وقال فيه: إن عمر قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان، فقرأ فيها حروفًا لم يكن