الأَوثَانَ، قَالَ: فَسَمِعتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ يُخبِرُ أَخبَارًا، فَقَعَدتُ عَلَى رَاحِلَتِي، فَقَدِمتُ عَلَيهِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُستَخفِيًا، جُرَءَاءُ عَلَيهِ قَومُهُ، فَتَلَطَّفتُ حَتَّى دَخَلتُ عَلَيَّهِ بِمَكَّةَ، قُلتُ لَهُ: مَن أَنتَ؟ قَالَ: أَنَا نَبِيٌّ الله، فَقُلتُ: وَمَا نَبِيٌّ الله؟ قَالَ: أَرسَلَنِي الله، فَقُلتُ: بِأَيِّ شَيءٍ أَرسَلَكَ؟ قَالَ: أَرسَلَنِي بِصِلَةِ الأَرحَامِ، وَكَسرِ الأَوثَانِ، وَأَن يُوَحَّدَ الله لا يُشرَكُ بِهِ شَيءٌ، قُلتُ: فَمَن مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: حُرٌّ وَعَبدٌ. (قَالَ: وَمَعَهُ يَومَئِذٍ أَبُو بَكرٍ وَبِلالٌ
ــ
وقوله: قعدت على راحلتي؛ أي: ركبتها.
وقوله: جُرَءَاءُ عليه قومه؛ أي: يجترئون - من الجرأة -، وهو مرفوع على أنه خبر مقدم، وقومه مبتدأ، على مذهب البصريين.
وقوله: من أنت؟ سؤال عمن يعقل.
وقوله: وما نبي الله؟ سؤال عن النبوة، وهي من جنس ما لا يعقل؛ لأنها معنى من المعاني.
وقوله: فمن معك على هذا؟ قال: حرّ وعبد؛ الحر: أبو بكر، والعبد: بلال؛ كما فسَّره. ولم يذكر له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليًّا لصغره، فإنه أسلم وهو ابن سبع سنين، وقيل: ابن عشر، ولا خديجة - رضي الله عنها -؛ لأنه فهم عنه أنه إنما سأله عن الرجال، فأجابه حسب ذلك. ويُشكل هذا الحديث بحديث سعد بن أبي وقاص، فإنه قال: ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام، وإني لثلث (١) الإسلام، وظاهره أن أبا بكر وبلالا أسلما في اليوم الذي أسلم فيه سعد، وأنه أقام سبعة أيام لم يسلم معهم الثلاثة أحد، وحينئذ يلزم أن يكون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم جاءه عمرو بن عبسة: أبو بكر وسعد وبلال، لكن سكت عنه