للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أحمد (٤/ ٢٥٢)، ومسلم (١/ ٩ - المقدمة)، والترمذي (٢٦٦٢)، وابن ماجه (٣٩).

ــ

ويحتمل ما في الحديث أن يكونَ بمعنى الرأي؛ فيكون ظنًّا من قولهم: رأيتُ كذا، أي (١): ظهَرَ لي. وعليهما يكونُ المقصودُ بالذَّمِّ الذي في الحديث: المتعمِّدَ للكذب علمًا أو ظنًّا.

وأما يُرَى بالضمِّ: فهو مبنيٌّ لما لم يسمَّ فاعله، ومعناها: الظَّنُّ، وإن كان أصلها مُعَدًّى بالهمزة من رأى، إلا أنَّ استعمالَهُ في الظَّنِّ أكثرُ وأشهر.

و(قوله: فهو أحد الكذابين): رُوِّينَاهُ بكسر الباء على الجمع؛ فيكون معناه: أنه أحد الكذابِين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين قال الله تعالى في حقهم: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: ٦٠] الآية؛ لأنَّ الكذبَ على رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كذبٌ على الله تعالى.

ورُوِّيناه أيضًا - بفتح الباء على التثنية؛ ويكون معناه: أنَّ المُحدِّث، والمُحدَّث بما يظنَّان أو يعلمان كذبَهُ كاذبان؛ هذا بما حدَّثَ، والآخرُ بما تحمَّل من الكذب مع علمه أو ظنِّه لذلك.

ويفيد الحديثُ: التحذيرَ عن أن يحدِّثَ أحدٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بما تحقق صدقَهُ علمًا أو ظنًّا، إلا أن يحدّث بذلك على جهة إظهار الكذب؛ فإنه لا يتناوَلُهُ الحديث.

وفي كتاب الترمذيِّ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: اتقوا الحديثَ عنِّي إلا ما عَلِمتُم، فَمَن كَذَبَ عليَّ متعمِّدًا، فليتبوَّأ مَقعَدَهُ من النار، ومَن قال في القرآن برأيه، فليتبوَّأ مَقعَدَهُ من النار (٢)، وقال: هذا حديثٌ حسن.


(١) من (م).
(٢) رواه الترمذي (٢٩٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>