للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِإِحدَى الطَّائِفَتَينِ رَكعَةً، وَالطَّائِفَةُ الأُخرَى مُوَاجِهَةُ العَدُوِّ، ثُمَّ انصَرَفُوا،

ــ

عن أصل مشروعيتها المعروفة (١) أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أن للخوف تأثيرا في تغيير الصلاة، على ما يأتي تفصيل مذاهبهم. وذهب أبو يوسف إلى أنه لا تغيير في الصلاة لأجل الخوف اليوم، وإنما كان التغيير المروي في ذلك، والذي عليه القرآن، خاصًّا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مستدلا بخصوصية خطابه تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - بقوله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} قال: فإذا لم يكن فيهم لم تكن صلاة الخوف. وهذا لا حجة فيه لثلاثة أوجه:

أحدها: أنا قد أمرنا باتباعه، والتأسِّي به، فيلزم اتباعه مطلقًا؛ حتى يدلّ دليل واضح على الخصوص، ولا يصلح ما ذكره دليلا على ذلك، ولو كان مثل ذلك دليلا على الخصوصية؛ للزم قصر الخطابات على من توجهت له، وحينئذ يلزم أن تكون الشريعة قاصرةً (٢) على من خوطب بها. لكن قد تقرر بدليل إجماعي؛ أن حُكمَه على الواحد حُكمه على الجميع، وكذلك ما يخاطب هو به؛ كقوله تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ}، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسبُكَ اللَّهُ} ونحوه كثير.

وثانيها: أنه قد قال - صلى الله عليه وسلم -: صلوا كما رأيتموني أصلي (٣).

وثالثها: أن الصحابة - رضي الله عنهم - اطَّرحوا توهُّم الخصوص في هذه الصلاة، وعَدَّوهُ إلى غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم أعلم بالمقال، وأقعد بالحال، فلا يُلتفت إلى قول من ادعى الخصوصية.


(١) في (ع): المعهودة.
(٢) في (ع): مقصورة.
(٣) رواه أحمد (٥/ ٥٣)، والبخاري (٦٠٠٨)، ومسلم (٦٧٤)، وأبو داود (٥٨٩)، والترمذي (٢٠٥)، والنسائي (٢/ ٧٧) من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>