للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سلّمت، ثم تقدّمت، وجاءت الأخرى. وهذا خلاف الحديث الآخر الذي ذكر فيه آخرًا: ثم سلّم بهم جميعًا. ومن رواية القاسم في حديث ابن أبي حثمة: أنه - صلى الله عليه وسلم - سلّم عند تمام صلاته الركعة الثانية بالطائفة الثانية، وأتَموا بعد سلامه؛ خلاف الروايات الأُخَر عن القاسم ويزيد بن رومان: أنه انتظرهم حتى قضوا، ثم سلّم. وقد اختلف قول مالك في الأخذ برواية القاسم، أو برواية يزيد. وبرواية القاسم أخذ أكثر أصحاب مالك لصحة القياس: أن القضاء إنما يكون بعد سلام الإمام. وهو اختيار أبي ثور، واختيار الشافعي في الرواية الأخرى.

الحديث العاشر: ما رواه أبو داود من حديث حذيفة وأبي هريرة وابن عمر (١): أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى بكل طائفة ركعة ولم يقضوا، ويؤيده حديث ابن عباس: صلاة الخوف ركعة، وبه قال إسحاق.

ثم اختلف العلماء في الأخذ بهذه الأحاديث؛ فمنهم من ذهب إلى أن هذه الكيفيات كلها جائزة، وأن الإمام مُخيّر في أيّها شاء فعل، ومِمَّن ذهب إليه: أحمد بن حنبل، والطبري وبعض الشافعية؛ قالوا: وقد يجوز أن يكون ذلك في مرّات على حسب شدّة الخوف، إلا أن أحمد اختار حديث سهل بن أبي حثمة، وقال: كلها جائزة، وذلك على قدر الخوف، وكل من عيَّن من هذه الكيفيات واحدة فبحسب ترجيحٍ حصل عنده أوجب له المصير إلى ما صار إليه؛ ولذلك قال الخطابي: صلاة الخوف أنواع صلاّها النبي - صلى الله عليه وسلم - في أيام مختلفة، وأشكال متباينة، يتوخى فيها كلها ما هو أحوط للصلاة، وأبلغ في الحراسة. وذكر ابن القصار: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلاّها في عشرة مواضع، وذكر غيره: أنه صلاّها أكثر من هذا العدد، ففي حديث ابن أبي حثمة وأبي هريرة وجابر أنه صلاّها يوم


(١) رواه أبو داود (١٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>