ورابعها: إنّا لو تنزَّلنا على أن الساعات في الحديث هي التعديلية؛ للزم عليه انقضاء فضائل المبكِّرين للجمعة بانقضاء الخامسة ولا يبقى لأهل السادسة فضل، فيلزم طيّ الصحف إذ ذاك، وهو خلاف الحديث. وبيان ذلك: أن البدنة لأهل الساعة الأولى إلى أن تنقضي، والبقرة لأهل الساعة الثانية إلى انقضائها، والشاة لأهل الثالثة إلى انقضائها، والدجاجة لأهل الرابعة، والبيضة لأهل الخامسة، وقد فرغت ساعات البكور، ولم يبق لأهل السادسة ثواب في سعيهم، وهذا مناقض للحديث الذي ذكرناه ولمعناه؛ فإنه أخبر فيه: أن أجورهم لا تزال تكتب إلى أن يخرج الإمام، وهو إنما يخرج في السابعة، وحينئذ تَطوي الملائكة الصحف، وتستمع الذكر، فلا تكتب للداخل إذ ذاك ثواب البكور؛ إذ قد فرغت مراتب ثواب المبكرين. والله تعالى أعلم.
وقوله: غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام: زيادة الثلاثة لتكمل عشرة أيام بالتضعيف؛ حتى تكون الحسنة بعشر أمثالها؛ كما قال تعالى:{مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثَالِهَا}
وقوله: ومن مسَّ الحصى فقد لغا؛ أي: قد أتى لغوًا من الفعل أو القول. قال الهروي: تكلم بما لا يجوز له، وقيل: لغا عن الصواب؛ أي: مال عنه. وقال النضر بن شُمَيل: خاب، أَلغَيته: خَيَّبته. قال ابن عرفة: اللغو: الشيء المسقط؛ أي: المُلغى. يقال: لغا يلغو، ولَغِيَ يَلغَى.
وفي هذا الحديث ما يدلّ على وجوب الإقبال على استماع الخطبة، والتجرُّد لذلك، والإعراض عن كل ما يُشغل عنها؛ ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث