للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أحمد (٢/ ٤٠١ و ٤٨٦)، ومسلم (٨٥٤) (١٨)، وأبو داود (١٠٤٦)، والترمذي (٤٨٨ و ٤٩١)، والنسائي (٣/ ٨٩ - ٩٠).

ــ

إذا لم يكونا للمفاضلة؛ فهما من جملة الأسماء، كما قال تعالى: {إِن تَرَكَ خَيرًا} وقال: وَيَجعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا، وهي في هذا الحديث للمفاضلة، غير أنها مضافة لنكرة موصوفة، ومعناها في هذا الحديث: أن يوم الجمعة أفضل من كل يوم طلعت شمسه.

ثم كون الجمعة أفضل الأيام لا يرجع ذلك إلى عين اليوم؛ لأن الأيام متساوية في أنفسها، وإنما يَفضُل بعضها بعضًا بما به من أمر زائد على نفسه. ويوم الجمعة قد خصّ من جنس العبادات بهذه الصلاة المعهودة التي يجتمع لها الناس، وتتفق هممهم ودواعيهم ودعواتهم فيها، ويكون حالهم فيها كحالهم في يوم عرفة، فيستجاب لبعضهم في بعض، ويغفر لبعضهم ببعض، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: الجمعة حج المساكين (١)؛ أي: يحصل لهم فيها ما يحصل لأهل عرفة. والله أعلم. ثم إن الملائكة يشهدونهم، ويكتبون ثوابهم، ولذلك سُمّي هذا اليوم: المشهود، ثم تخطر فيه لقلوب العارفين من الألطاف والزيادات بحسب ما يدركونه من ذلك، ولذلك سُمّي: بيوم المزيد، ثم إن الله تعالى قد خصّه بالساعة التي فيه على ما يأتي ذكرها، ثم إن الله تعالى قد خصّه بأن أوقع فيه هذه الأمور العظيمة التي هي: خلق آدم الذي هو أصل البشر، ومن ولده الأنبياء والأولياء والصالحون، ومنها: إخراجه من الجنة الذي حصل عنده إظهار معرفة الله وعبادته في هذا النوع الآدمي. ومنها: توبة الله عليه التي بها ظهر لطفه تعالى ورحمته لهذا النوع الآدمي مع اجترامه (٢) ومخالفته. ومنها: موته الذي بعده وُفِّي أجره، ووصل


(١) ذكره في كشف الخفاء (١٠٧٦) وقال: رواه القضاعي عن ابن عباس، وفي سنده مقاتل: ضعيف.
(٢) "اجترم": كسب، واجترم الذنب: ارتكبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>