للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَومُهُمِ الَّذِي اختَلَفُوا فِيهِ، هَدَانَا الله لَهُ - قَالَ: يَومُ الجُمُعَةِ - فَاليَومَ لَنَا، وَغَدًا لِليَهُودِ، وَبَعدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى.

ــ

ما وقع لهم من فريضة يوم الجمعة، فقالت طائفة: إن موسى أمرهم بيوم الجمعة، وعيَّنه لهم، وأخبرهم بفضيلته على غيره، فناظروه: أن السبت أفضل. فقال الله له: دعهم وما اختاروا لأنفسهم. ونقلوا هذا القول. ويؤيد هذا قول نبينا - صلى الله عليه وسلم - في بعض طرق هذا الحديث: وهذا يومهم الذي فُرض عليهم، ثم اختلفوا فيه (١).

وقيل: إن الله لم يعيِّنه لهم، وإنما أمرهم بتعظيم يوم في الجمعة، ووكل تعيينه إلى اختيارهم، فاختلف اجتهادهم في تعيينه، فعيَّنت اليهود السبت؛ لأن الله فرغ فيه من الخلق. وعيَّنت النصارى يوم الأحد؛ لأن الله تعالى بدأ فيه الخلق، فألزم كل واحد منهم ما أدّاه إليه اجتهاده، وعيَّنه الله لهذه الأمة من غير أن يَكِلَهم إلى اجتهادهم؛ فضلا منه ونعمة. ويدلّ على صحة هذا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه؛ أي: في تعيينه: هدانا الله له؛ أي: بتعيينه لنا، لا باجتهادنا. وممَّا يؤيده: أنه لو عُيّن لهم فعاندوا فيه لما قيل: اختلفوا فيه، وإنما كان ينبغي أن يقال: فخالفوا فيه وعاندوا. وممّا يؤيده أيضًا قوله في الأم في بعض طرقه: أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا (٢).

وقوله: فاليوم لنا، وغَدا لليهود، وبعد غد للنصارى؛ أي: بعد إلزام المشروعية بالتعيين لنا، وبالاختيار لهم. وحقّ غد وبعد أن يكونا مرفوعين على المبتدأ، وخبراهما في المجرورين بعدهما، وقد قيَّدهما كذلك بعض من نعتمده. و (٣) قيدناهما أيضًا بالنصب بناء على أنهما ظرفان غير متمكنين، والأول أولى؛ لأنهما قد أخبر عنهما هنا، فقد خرجا عن الظرفية. وقد جاء في رواية:


(١) انظر: صحيح مسلم رقم (٨٥٥/ ٢١).
(٢) انظر: صحيح مسلم رقم (٨٥٦/ ٢٢).
(٣) ما بين حاصرتين سقط من (ع)، واستدرك من (هـ) و (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>