للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَشَرُّ الأُمُورِ مُحدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدعَةٍ ضَلالَةٌ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا أَولَى بِكُلِّ مُؤمِنٍ مِن نَفسِهِ، مَن تَرَكَ مَالا فَلأَهلِهِ،

ــ

عليهم قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ} ففرق بين الدلالة والهداية، ولهذا موضعٌ يُعرف فيه، قال أبو عبيد: الهَديُ بفتح الهاء وإسكان الدال: هو الطريق، فهَديُ محمد: طريقه؛ كما يقال: فلان حسن الهَدي؛ أي المذهب في الأمور كلها والسيرة، ومنه: اهتدوا بهدي عمار (١).

وقوله: شر الأمور محدثاتها: يعني: المحدثات التي ليس لها في الشريعة أصل يشهد لها بالصحة والجواز، وهي المسمّاة بالبدع؛ ولذلك حكم عليها بأن كل بدعة ضلالة. وحقيقة البدعة: ما ابتُدئ وافتُتح من غير أصل شرعي، وهي التي قال فيها - صلى الله عليه وسلم -: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ (٢).

وقوله: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه؛ أي: أقرب له من نفسه، أو أحق به منها، ثم فسر وجهه بقوله: من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فإليّ وعليّ. وبيانه: أنه إذا ترك دينا أو ضياعًا ولم يقدر على أن يُخلِّص نفسه منه؛ إذ لم يترك شيئًا يسدُّ به ذلك، ثم يخلّصه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقيامه به عنه، أو سدّ ضيعته؛ كان أولى به من نفسه؛ إذ قد (٣) فعل معه ما لم يفعل هو بنفسه. والله تعالى أعلم.

وأما رواية من رواه: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، في غير الأصل فيحتمل أن يحمل على ذلك، ويحتمل أن يكون معناه: أنا أولى بالمؤمنين من


(١) رواه أحمد (٥/ ٣٩٩)، والترمذي (٣٨٥٧) من حديث ابن مسعود.
(٢) رواه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨)، وأبو داود (٤٦٠٦)، وابن ماجه (١٤) من حديث عائشة.
(٣) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>