للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: بِئسَ الخَطِيبُ أَنتَ، قُل: وَمَن يَعصِ الله وَرَسُولَهُ.

رواه أحمد (٤/ ٢٥٦)، ومسلم (٨٧٠)، وأبو داود (١٠٩٩)، والنسائي (٦/ ٩٠).

ــ

الرواية الصحيحة أنه أتى باللفظين في مساق واحد، وأن آخر كلامه إنما هو: فقد غوى. ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردّ عليه وعلّمه صواب ما أخلّ به، فقال: قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى؛ فظهر أن ذمّه له إنما كان على الجمع بين الاسمين في الضمير، وحينئذ يتوجه الإشكال، ونتخلّص عنه من أوجه:

أحدها: أن المتكلم لا يدخل تحت خطاب نفسه إذا وجّهه لغيره، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: بئس الخطيب أنت منصرف لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - لفظًا ومعنى.

وثانيها: أن إنكاره - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الخطيب يحتمل أن يكون كأن هناك من يتوهم التسوية من جمعهما في الضمير الواحد، فمنع ذلك لأجله، وحيث عُدِمَ ذلك جاز الإطلاق.

وثالثها: أن ذلك الجمع تشريف، ولله تعالى أن يُشرف من شاء بما شاء، ويمنع من مثل (١) ذلك للغير؛ كما قد أقسم بكثير من المخلوقات، ومنعنا من القسم بها، فقال سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسلِيمًا، وكذلك (٢) أذن لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في إطلاق مثل ذلك، ومنع منه الغير على لسان نبيه.

ورابعها: أن العمل بخبر المنع أولى لأوجه؛ لأنه تقعيد قاعدة، والخبر


(١) ساقط من (ع).
(٢) فى (ع): وكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>