[٧٤٥]- وَعَن أَبِي رِفَاعَةَ قَالَ: انتَهَيتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَخطُبُ، قَالَ: فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسأَلُ عَن دِينِهِ، لا يَدرِي مَا دِينُهُ.
ــ
تصرف عن ذلك، وبالعمل المنقول المستفيض بالمدينة على أنهم كانوا لا يركعون في تلك الحال، ولذلك قال ابن شهاب: خروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام.
وقد تأول أصحابنا حديث جابر تأويلات في بعضها بُعدٌ، وأولى معتمدِ المالكية في ترك العمل به أنه خبر واحد عارضه عمل أهل المدينة خَلَفًا عن سَلَف، من لدن الصحابة - رضي الله عنهم - إلى زمان مالك - رحمه الله تعالى، فيكون العمل بهذا العمل أولى، وهذا أصل مالك - رحمه الله تعالى -، وأما أبو حنيفة فترك العمل به على أصله أيضًا في ردّ أخبار الآحاد فيما تعم به البلوى. والله أعلم. وذهب بعض المتأخرين من أصحاب الحديث إلى الجمع بين الأمرين، فخيّر الداخل بين الركوع وتركه، وهو قول من تعارض عنده الخبر والعمل.
وقول أبي رفاعة: انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب؛ يحتمل أن تكون تلك الخطبة للجمعة ولغيرها؛ إذ قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع الناس لغير الجمعة؛ عند نزول النوازل، فيخطبهم ويعظهم.
وقوله: رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه: استلطاف في السؤال، واستخراج حسن للتعليم؛ لأنه لما أخبره بذلك تعين عليه أن يعلّمه، وأيضًا فإن هذا الرجل الغريب الذي جاء سائلا عن دينه؛ هو من النوع الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن ناسًا يأتونكم من أقطار الأرض يطلبون العلم، فاستوصوا بهم خيرًا (١)، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يأمر بشيء إلا كان أول آخذٍ به، وإذا نهى عن شيء كان أول تاركٍ له.
(١) رواه الترمذي (٢٦٥٠)، وابن ماجه (٢٤٧) من حديث أبي سعيد الخدري.