للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٧٨٧]- وعَن أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَت: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: مَا مِن مُسلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ، اللهُمَّ أجُرنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخلِف لِي خَيرًا مِنهَا، إِلا أَخلَفَ اللهُ لَهُ خَيرًا مِنهَا.

ــ

الله؛ دخل الجنة (١). ولينبَّه المحتَضَرَ على ما يدفع به الشيطان، فإنه يتعرَّض للمحتضر ليفسد عليه عقيدته، فإذا تلقنها المحتَضَر وقالها مرَّةً واحدة، فلا تُعاد عليه؛ لئلا يتضجَّر، وقد كره أهل العلم الإكثار عليه من التلقين، والإلحاح عليه إذا هو تلقنها، أو فُهِم عنه ذلك. وفي أمره - عليه الصلاة والسلام - بتلقين الموتى ما يدلّ على تعيُّن الحضور عند المحتَضَر؛ لتذكيره وإغماضه، والقيام عليه، وذلك من حقوق المسلم على المسلمين، ولا خلاف في ذلك.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون. هذا تنبيه على قوله - تعالى -: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} الآية، مع أنه ليس فيها أَمرٌ بذلك القول، وإنما تضمنت مدح من قاله؛ فيكون ذلك القول مندوبًا، والمندوب مأمور به؛ أي: مطلوب ومقتضًى، وإن سُوّغ تركه. وقال أبو المعالي: لم يختلف الأصوليون أنّ المندوب مقتضًى ومطلوبٌ، وإنما اختلفوا هل يُسمَّى: مأمورًا به؟ قلت: وهذا الحديث يدلّ على أنه يُسمَّى بذلك.

وقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون: كلمة اعتراف بالملك لمستحقّه، وتسليمٌ له فيما يُجريه في ملكه، وتهوينٌ للمصيبات بتوقع ما هو أعظم منها، وبالثواب المرتّب عليها، وتذكير المرجع والمآل الذي حَكَم به ذو العزّة والجلال.

وقوله: اللهم أجُرنِي في مصيبتي، هو من الأجر، وهو الثواب، قال صاحب الأفعال (٢): يقال: آجره الله، بالمدّ وبغير المدّ. وقال الأصمعيّ: هو


(١) رواه أحمد (٥/ ٢٣٣ و ٢٤٧)، وأبو داود (٣١١٦) من حديث معاذ بن جبل.
(٢) هو علي بن جعفر السعدي، المعروف بابن القطاع: عالمُ أدب ولغة، توفي سنة (٥١٥ هـ). له كتب كثيرة منها: "الأفعال" وهو مطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>