يُكَفَّنُ فِيهِ إِلا نَمِرَةٌ، فَكُنَّا إِذَا وَضَعنَاهَا عَلَى رَأسِهِ خَرَجَت رِجلاهُ، وَإِذَا وَضَعنَاهَا عَلَى رِجلَيهِ خَرَجَ رَأسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ضَعُوهَا مِمَّا يَلِي رَأسَهُ، وَاجعَلُوا عَلَى رِجلَيهِ من الإِذخِر. وَمِنَّا مَن أَينَعَت لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهوَ يَهدِبُهَا.
رواه البخاري (١٢٧٦)، ومسلم (٩٤٠)، وأبو داود (٢٨٧٦)، والترمذي (٣٨٥٢)، والنسائي (٤/ ٣٨).
ــ
وقد قال في البخاري في هذا الحديث: لقد خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتُنا في حياتنا الدنيا (١).
وقوله ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها؛ أي أدركت ونضُجت، يقال: يَنع الثمر وأينع إذا أدرك طيبه، ومنه قوله تعالى:{وَيَنعِهِ} ويهدبها؛ أي: يجتنيها ويقطفها، يقال منه: هَدَب، يهدُب، ويهدِب، هَدبًا. والنَّمِرَة: كساءٌ ملمعٌ، وقيل أسود.
وقد يُستدَلُّ بهذا الحديث على أن الكفن من رأس المال، وهو قول عامّة علماء الأمة إلا ما حُكي عن طاووس أنه من الثلث إن كان المال قليلا، وإلا ما حُكي عن بعض السلف أنه من الثلث على الإطلاق، ولم يتابعا على هاتين المقالتين.
وفيه: أن الكفن إذا ضاق عن الميت كان تغطية وجهه ورأسه أولى؛ إكرامًا للوجه وسترًا لما يظهر عليه من تغيُّر محاسنه، وإن ضاق عن الوجه والعورة بدئ بستر العورة.
وتكفين الميت المسلم واجب عند العلماء، فإن كان له مال فمن رأس ماله على ما تقدّم، وإن لم يكن له مال فمن بيت المال أو على جماعة المسلمين.
واختلف أصحابنا؛ هل يلزم ذلك من كان تلزمه نفقته في حياته أم لا؟ والوتر في الكفن مستحب عند كافة العلماء، وكلهم مجمعون على أنه ليس فيه حدٌّ واجب.