للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٨١١]- وَعَن جَابِرَ بنَ عَبدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ يَومًا فَذَكَرَ رَجُلا مِن أَصحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيرِ طَائِلٍ وَقُبِرَ لَيلا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَن يُقبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيهِ، إِلا أَن يُضطَرَّ إِنسَانٌ إِلَى

ــ

حلّة وإضافتها.

واختلف في القميص الذي غُسِّل فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي نُهوا عن نزعه (١)؛ فقال بعض العلماء: إنه نُزع عنه حين كُفِّن وسُتِر بالأكفان؛ لأنه كان مبلولا، ولا يتفق تكفينه فيه كذلك. قد ذكر أبو داود عن ابن عباس: كُفن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب نجرانية (٢)؛ الحلَّة - ثوبان، وقميصه الذي مات فيه (٣). وهذا مخالف لحديث عانشة رضي الله عنها المتقدم، وقد نصَّت على أنه لم يكفن في الحلَّة.

وقولها ليس فيها قميص ولا عمامة محتمل لما ذكرناه، والله أعلم.

وقوله في كفن غير طائل؛ أي لا خطر له ولا قيمة، أو لا سترَ فيه ولا كفاية، أو لا نظافة له ولا نقاوة.

وقوله زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبر الرجل بالليل أخذ به الحسن، فكره أن يقبر الرجل بالليل إلا لضرورة. وذهب الجمهور إلى جواز ذلك، وكأنهم رأوا أن ذلك النهي خاصٌّ بذلك الرجل لئلا تفوته صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: يمكن أن يقصدوا بدفنه بالليل ستر إساءة ذلك الكفن الغير طائل. قال الشيخ رحمه الله: وهذه التأويلات فيها بُعد، ولا تصلح لدفع ذلك الظاهر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما صدر عنه النهي المطلق بعد دفن الرجل بالليل، فقد تناول النهي غيره قطعًا؛ فتأمّله!

ويمكن أن يعضد مذهب الحسن بأنه إن قبر ليلا قلّ المصلُّون عليه؛ لأن عادة


(١) انظر: البداية والنهاية (٥/ ٢٦٠) طبعة المعارف، بيروت. وأبو داود (٣١٤١)، والموطأ: جنائز: ٢٧.
(٢) من سنن أبي داود.
(٣) رواه أبو داود (٣١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>