للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٨٢٠]- وعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَ فِي اليَومِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَخَرَجَ بِهِم إِلَى المُصَلَّى،

ــ

وقوله نعى للناس النجاشيّ في اليوم الذي مات فيه مِن أدلِّ الأدلة على صحَّة نبوَّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والنعي: إشاعة الأخبار بموت الميت، قال الهروي: النعيّ - بسكون العين - الفعل، والنعِيّ - بكسرها - الرجل الميت، ويجوز أن يجمع نعايا مثل صفي وصفايا.

وهذا الحديث احتجّ به أئمتنا على جواز الإعلام بموت الميت، ولم يره من النعي المنهيّ عنه في قوله عليه الصلاة والسلام إياكم والنعي، فإنّ النعيَ من عمل الجاهلية (١)، وهذا النعي الذي كان من عمل الجاهلية إنما كان أن الشريف إذا مات فيهم بعثوا الركبان إلى أحياء العرب فيندبون الميت ويثنون عليه بنياحة وبكاء وصراخ وغير ذلك، وذلك هو الذي نهى عنه. وقد روي عن حذيفة أنه نهى أن يؤذن بالميت أحد، وقال: إني أخاف أن يكون نعيًا. ونحوه عن ابن المسيب، وقال به بعض السلف من الكوفيين من أصحاب ابن مسعود.

قلت: وهذا الحديث حجة على من كره الإعلام به، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم هلاّ آذنتموني به! (٢)، ونعيه - صلى الله عليه وسلم - أهل مؤتة.

وقوله فخرج إلى المصلَّى يستدل به على أن الجنائز لا يصلّى عليها في المسجد كما قد (٣) روي عن مالك وأبي حنيفة، وجوّزه الشافعي.

وظاهر هذا الحديث جواز الصلاة على الغائب، وهو قول الشافعي، ولم يَرَ ذلك أصحابنا جائزًا؛ لأنه لو كان ذلك لكان أحقُّ من صُلِّي عليه كذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البلاد النائية عن المدينة، ولم يصحَّ أنه فعل ذلك أحدٌ من الصحابة ولا غيرهم، ولو كان


(١) رواه الترمذي (٩٨٤) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (٤٥٨)، ومسلم (٩٥٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>