للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٨٢٥]- وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ امرَأَةً سَودَاءَ كَانَت تَقُمُّ المَسجِدَ - أَو شَابّا، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عَنهَا - أَو عَنهُ - فَقَالُوا: مَاتَ. قَالَ: أَفَلا

ــ

وأبي حنيفة، قال: إلا أن يكون وليه فله إعادة الصلاة عليه. وقد روي عن مالك جواز الصلاة عليه، وهو شاذّ من مذهبه، وهو قول الشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وغيرهم.

وحيث قلنا بفوت الصلاة على الميت فما الذي يقع به الفوت؟ اختلف فيه؛ فقيل: بهيل التراب وتسويته - وهو قول أشهب وعيسى وابن وهب. وقيل: بخوف تغيُّره - وهو قول ابن القاسم وابن حبيب وسحنون. وقيل: بالطُّول فيمن لم يصلِّ عليه، وهو ما زاد على ثلاثة أيَّامٍ فأكثر عند أبي حنيفة. وقال أحمد فيمن صُلِّي عليه: تعاد إلى شهر - وقاله إسحاق في الغائب، وقال في الحاضر ثلاثة أيام. قال أبو عمر: وأجمع من قال بالصلاة على القبر أنّه لا يصلّى عليه إلا بالقرب، وأكثر ما قيل في ذلك شهر.

وقوله تقمّ المسجد؛ أي تكنسه، والقمامة الكِنَاسة، وسؤاله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه المسكينة يدلّ على كمال تفضُّله وحسن تعهده وكرم أخلاقه وتواضعه ورأفته ورحمته، وتنبيهٌ على ألا يُحتَقَر مسلمٌ ولا يُصَغَّر أمرُه.

قلت: قال بعض مَن لم يُجِز الصلاة على القبر إنّ القبرَ الرَّطبَ الذي في حديث ابن عباس يحتمل أن يكون قبر السوداء التي كانت تقمّ المسجد، وكانت صلاتُه عليه خاصة به؛ لأنه قد قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإنّ الله ينوّرها بصلاتي عليهم - فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وغيره لا يعلم ذلك، فكان ذلك خصوصًا به. وهذا ليس بشيء؛ لثلاثة أوجه:

أحدها: أنّا وإن لم نعلم ذلك لكنّا نظنّه، ونرجو فضل الله سبحانه ودعاء المسلمين لمن صلّوا عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>