للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٨٣٦]- وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جُعِلَ فِي قَبرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطِيفَةٌ حَمرَاءُ.

رواه مسلم (٩٦٧)، والترمذي (١٠٤٨)، والنسائي (٤/ ٨١).

* * *

ــ

البناء والتجصيص في القبور أن ذلك مباهاة واستعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة، وتشبُّه بمن كان يعظّم القبور ويعبدها. وباعتبار هذه المعاني وبظاهر هذا النهي ينبغي أن يقال هو حرام، كما قد قال به بعض أهل العلم.

وقوله وأن يقعد عليها، وقوله لا تجلسوا على القبور (١)، وقوله لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه خير له من أن يجلس على قبر - (٢) اختلف في معناه؛ فمنهم من حمله على ظاهره من الجلوس ورأى أن القبر يحترم كما يحترم المسلم المدفون فيه فيعامل بالأدب وبالتسليم عليه وبغير ذلك، ومنهم من تأوَّله على أنه كناية عن إلقاء الحدث في القبور - وهو تأويل مالك. ولا شك في أن التخلي على القبور وبينها ممنوع؛ إما بهذا الحديث وإما بغيره، لحديث الملاعن الثلاث، فإنه مجلس الزائر للقبر، فهو في معنى التخلّي في الظِلال والطرق والشجر المثمر وغير ذلك، ولأن ذلك استهانة بالميت المسلم وأذى لأوليائه الأحياء، والله أعلم.

وقوله جعل في قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطيفة حمراء، هذه القطيفة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبسها ويفترشها، فلما مات اختَلَف في أخذها عليٌّ وعبَّاس وتنازعا فيها، فأخذها شُقران (٣) وجعلها في القبر، وقال: والله لا يلبسها أحدٌ بعده أبدًا. وقيل: إنما جعلت في قبره لأن المدينة سَبِخَةٌ، والله تعالى أعلم.


(١) سيأتي تخريجه في التلخيص برقم (٨٣٨).
(٢) سيأتي تخريجه في التلخيص (٨٣٧).
(٣) هو مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان مملوكًا ثم عُتِق.

<<  <  ج: ص:  >  >>