للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأَبكَى مَن حَولَهُ، فَقَالَ: استَأذَنتُ رَبِّي فِي أَن أَستَغفِرَ لَهَا فَلَم يُؤذَن لِي، وَاستَأذَنتُهُ فِي أَن أَزُورَ قَبرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ المَوتَ.

رواه أحمد (٢/ ١٤١)، ومسلم (٩٧٦) (١٠٨)، وأبو داود (٣٢٣٤)، والنسائي (٤/ ٩٠)، وابن ماجه (١٥٧٢).

ــ

وقوله في الحديث الآتي زوروا القبور فإنها تُذَكِّر الموت، وتذَكُّر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء، على أن أصحّ ما في نهي النساء عن زيارة القبور ما خرّجه الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن زوَّارات القبور (١)، صححه الترمذي، على أن في إسناده عمر بن أبي سلمة وهو ضعيف عندهم. ثم إن هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة؛ لأن زوارات للمبالغة، ويمكن أن يقال: إن النساء إنما يُمنَعن من إكثار الزيارة لما يؤدي إليه الإكثار من تضييع حقوق الزوج والتبرج والشهرة والتشبه بمن يلازم القبور لتعظيمها، ولما يخاف عليها من الصراخ وغير ذلك من المفاسد، وعلى هذا يفرِّق بين الزائرات والزوارات.

والصحيح نسخ المنع عن الرجال والنساء كما تقدم، والله تعالى أعلم.

وسيأتي القول على نسخ منع ادخار لحوم الأضاحي، ومنع الانتباذ في الحنتم والدُّباء والمزفت في بابهما.

وقد زاد مالك في هذا الحديث لا تقولوا هُجرًا (٢)، وهو الفحش من القول كالنوح والترنم به وغير ذلك، وبكاؤه - صلى الله عليه وسلم - على قبر أمه إنما كان لما فاتها من أيامه ومن الإيمان به.

وقوله فاستأذنته في أن أستغفر لها فلم يُؤذَن لي يحتمل أن يكون هذا


(١) رواه الترمذي (١٠٥٦).
(٢) رواه مالك في الموطأ (٢/ ٤٨٥)، والحاكم (١/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>