للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٨٥٨] وَعَنِ الأَحنَفِ بنِ قَيسٍ قَالَ: قَدِمتُ المَدِينَةَ، فَبَينَا أَنَا فِي حَلقَةٍ فِيهَا مَلأٌ مِن قُرَيشٍ إِذ جَاءَ رَجُلٌ أَخشَنُ الثِّيَابِ، أَخشَنُ الجَسَدِ، أَخشَنُ الوَجهِ، فَقَامَ عَلَيهِم، فَقَالَ: بَشِّرِ الكَانِزِينَ بِرَضفٍ يُحمَى عَلَيهِ فِي نَارِ

ــ

كل الحق، مع أنه لم يتعرض فيه لذكر الزكاة.

وفي هذا الظاهر إشكال تزيله الرواية الأخرى التي ذكر فيها مِن التي هي للتبعيض، بل وقد جاء في رواية أخرى مفسَّرًا: (ما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها)، وكذلك قال في الغنم، وكأن بعض الرواة أسقط في هذه الرواية من وهي مرادةٌ ولا بدّ.

ثم ظاهره: أن هذه الخصال واجبة، ولا قائل به مطلقًا. ولعلَّ هذا الحديث خرج على وقت الحاجة، ووجوب المواساة، وحال الضرورة، كما كان في أول الإسلام. ويكون معنى هذا الحديث: أنه مهما تعينت هذه الحقوق ووجبت، فلم تفعل؛ تعلق بالممتنع من فعلها هذا الوعيد الشديد، والله أعلم.

وقوله: (حلبها يومَ وِردها، وحلبها على الماء)، كل ذلك بسكون اللام على المصدر، وهو الأصل في مصدر ما كان على فَعل يَفعُل، وقد جاء على فَعَل - بفتح العين - في الحلب، فأمّا الحَلَب: اسم اللبن، فبالفتح لا غير، وليس هذا موضعه.

وخصَّ حلب الإبل بموضع الماء ليكون أقرب على المحتاج والجائع، فقد لا يقدر على الوصول لغير مواضع الماء.

والمنحة: قال ابن دريد: أصلها أن يعطي الرجلُ الرجلَ ناقته يشرب لبنها، أو شاة، ثم صارت كلُّ عطيةٍ منحة. قال الفرَّاء: يقال: منحته أمنحُه [وأمنحَه]- بالضم والكسر -.

وقال أبو هريرة: حق الإبل أن تَنحَرَ السمينة، وتَمنَحَ الغزيرة، ويُفقِر الظهر، ويطرق الفحل، ويسقى اللبن.

وإفقار الظهر: هو إعارة فقار المركوب، وهو الظهر، كما قد جاء في الرواية الأخرى.

وقول الأحنف بن قيس: إذ جاء رجلٌ أخشن الثياب، أخشن الجسد، أخشن الوجه؛ كذا صح هنا من رواية الكرمي بالخاء والشين المعجمتين، من الخشونة على وزن أفعَل، إلا أنه عند ابن الحذَّاء في الآخر: حسن الوجه. وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>