وفي هذا الظاهر إشكال تزيله الرواية الأخرى التي ذكر فيها مِن التي هي للتبعيض، بل وقد جاء في رواية أخرى مفسَّرًا:(ما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها)، وكذلك قال في الغنم، وكأن بعض الرواة أسقط في هذه الرواية من وهي مرادةٌ ولا بدّ.
ثم ظاهره: أن هذه الخصال واجبة، ولا قائل به مطلقًا. ولعلَّ هذا الحديث خرج على وقت الحاجة، ووجوب المواساة، وحال الضرورة، كما كان في أول الإسلام. ويكون معنى هذا الحديث: أنه مهما تعينت هذه الحقوق ووجبت، فلم تفعل؛ تعلق بالممتنع من فعلها هذا الوعيد الشديد، والله أعلم.
وقوله:(حلبها يومَ وِردها، وحلبها على الماء)، كل ذلك بسكون اللام على المصدر، وهو الأصل في مصدر ما كان على فَعل يَفعُل، وقد جاء على فَعَل - بفتح العين - في الحلب، فأمّا الحَلَب: اسم اللبن، فبالفتح لا غير، وليس هذا موضعه.
وخصَّ حلب الإبل بموضع الماء ليكون أقرب على المحتاج والجائع، فقد لا يقدر على الوصول لغير مواضع الماء.
والمنحة: قال ابن دريد: أصلها أن يعطي الرجلُ الرجلَ ناقته يشرب لبنها، أو شاة، ثم صارت كلُّ عطيةٍ منحة. قال الفرَّاء: يقال: منحته أمنحُه [وأمنحَه]- بالضم والكسر -.
وقال أبو هريرة: حق الإبل أن تَنحَرَ السمينة، وتَمنَحَ الغزيرة، ويُفقِر الظهر، ويطرق الفحل، ويسقى اللبن.
وإفقار الظهر: هو إعارة فقار المركوب، وهو الظهر، كما قد جاء في الرواية الأخرى.
وقول الأحنف بن قيس: إذ جاء رجلٌ أخشن الثياب، أخشن الجسد، أخشن الوجه؛ كذا صح هنا من رواية الكرمي بالخاء والشين المعجمتين، من الخشونة على وزن أفعَل، إلا أنه عند ابن الحذَّاء في الآخر: حسن الوجه. وقد