للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنَّ هَؤُلاءِ لا يَعقِلُونَ شَيئًا، إِنَّ خَلِيلِي أَبَا القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - دَعَانِي فَأَجَبتُهُ، فَقَالَ: (أَتَرَى أُحُدًا؟ ) فَنَظَرتُ مَا عَلَيَّ مِنَ الشَّمسِ، وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ يَبعَثُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَقُلتُ: أَرَاهُ، فَقَالَ: (مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مِثلَهُ ذَهَبًا أُنفِقُهُ كُلَّهُ إِلا ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ)، ثُمَّ هَؤُلاءِ يَجمَعُونَ الدُّنيَا ولا يَعقِلُونَ شَيئًا، قَالَ: قُلتُ: مَا لك وَلإِخوَتِكَ قُرَيشٍ لا تَعتَرِيهِم وَتُصِيبُ مِنهُم، قَالَ: لا وَرَبِّكَ! لا أَسأَلُهُم عَن دِينَارٍ وَلا أَستَفتِيهِم عَن دِينٍ حَتَّى أَلحَقَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: بَشِّرِ الكَنَّازِينَ بِكَيٍّ فِي ظُهُورِهِم يَخرُجُ مِن جُنُوبِهِم،

ــ

معروف بالمدينة. واستفهامه له عن رؤيته لتحقق رؤيته حتى يُشّبه له به ما أراد بقوله: (ما يسرني أن لي مثله ذهبا).

وقوله: إلا ثلاثة دنانير؛ يعني: دينارًا يرصده لدين؛ أي: يؤخره. ودينارًا لأهله، ودينارًا لإعتاق رقبة، والله أعلم.

وقوله: ثم هؤلاء ظاهر احتجاج أبي ذر بهذا الحديث وشبهه: أن الكنز المتوعَّد عليه هو جمع ما فضل عن الحاجة، وهكذا نقل من مذهبه، وهو من شدائده - رضي الله عنه -، ومما انفرد به. وقد روي عنه خلافُ ذلك، وحمل إنكاره هذا على ما أخذه السلاطين لأنفسهم، وجمعوه لهم من بيت المال وغيره، ولذلك هجرهم، وقال: لا أسألهم دنيا، ولا أستفتيهم عن دين، والله أعلم.

ويعتريهم: يزورهم ويأتيهم بطلب منهم، ومنه قوله تعالى: {وَأَطعِمُوا القَانِعَ وَالمُعتَرَّ} وهو الزائر، يقال منه: أعروته واعتريته؛ أي: أتيته أطلب منه حاجة.

وهذا الحديث يدل على تفضيل الفقر على الغنى، وقد تقدمت المسألة.

والعطاء الذي سئل عنه أبو ذر؛ هو ما يعطاه الرجل من بيت المال على وجهٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>