للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبِيَدِهِ الأُخرَى القَبضَ، يَرفَعُ وَيَخفِضُ).

ــ

الرفع كما تقدّم. وليس معناه في حق الله تعالى السرير، ولا المَحَلّ؛ إذ لو كان كذلك لكان محمولاً، ولكان مفتقرًا، ويلزم منه حدوثه، وإنما العرش المضاف إليه عبارة عن موجود عظيم، هو أعظم المخلوقات. خلقه الله على الماء، فاستولى عليه، بمعنى: أنه سخَّره كيف شاء.

قال كعب في قوله تعالى: {وَكَانَ عَرشُهُ عَلَى المَاءِ} إن الله تعالى بدأ الخلق ياقوتة خضراء، فنظر إليها بالهيبة فصارت ماء، ثم خلق عرشه عليه. وقال ابن عباس: وكان عرشه على الماء؛ أي: فوقه؛ إذ لم يخلق سماء ولا أرضًا.

وظاهر هذا الحديث: أن العرش حالة إخباره - صلى الله عليه وسلم - هو على الماء كما قال كعب، وظاهر كلام ابن عباس: أنه لما خلق السماوات والأرض، أضيفت فوقية العرش إليهما.

وقوله: (وبيده الأخرى القبض)؛ ولم يقل اليسرى، ولا الشمال، اجتنابًا لما تضمنته ألفاظهما، ونفيًا لتوهم النقص؛ ولذلك قال: (وكلتا يديه يمين). ويفهم من إضافة اليدين إليه تعالى: قدرته على [المخلوقات] (١).

والقيض - بالقاف والياء باثنتين من أسفل. والقبض في الرواية الأولى: هو نقيض البسط، ولذلك اكتفى بذكره عن البسط، وصار هذا كقوله: (بِيَدِكَ الخَيرُ)، اكتفى به عن ذكر نقيضه، وهو الشرّ. ويكون هذا الحديث مثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقبِضُ وَيَبسُطُ}؛ أي: يقبض الأرزاق، والأرواح، والقلوب، والأمور كلها، بالقبض اللائق بها (٢). ويبسطها ببسطها اللائق بها.

وقوله: (يرفع ويخفض)؛ أي: يعلي ويضع، ويعز ويذل، ويفعل ما يريد من الشيء ونقيضه.


(١) في (هـ) و (ط): المختلفات.
(٢) في (هـ) و (ظ): به.

<<  <  ج: ص:  >  >>