للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَرَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجتَمَعَا عَلَيهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتهُ امرَأَةٌ ذَاتُ مَنصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخفَاهَا حَتَّى لا تَعلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنفِقُ شِمَالُهُ،

ــ

وقوله: (ورجل قلبه معلّق في المساجد)؛ أي: يحب الكون فيها للصلاة والذكر وقراءة القرآن، وهذا إنما يكون ممن استغرقه حبُّ الصلاة والمحافظة عليها وشُغِف بها.

وقوله: (ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه)؛ أي: داما على المحبة الصادقة الدِّينية، المبرأة عن الأغراض الدُّنيوية، ولم يقطعاها بعارض في حال اجتماعهما، ولا حال افتراقهما.

وقوله: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله)؛ معنى دعته: عرضت نفسها عليه؛ أي (١) للفاحشة. وقول المدعو في مثل هذا: إني أخاف الله، وامتناعه لذلك دليلٌ: على عظيم معرفته بالله تعالى، وشدّة خوفه من عقابه، ومتين تقواه، وحيائه من الله تعالى. وهذا هو المقام اليوسفي.

وقوله: (ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها) هذه صدقة التطوع في قول ابن عباس وأكثر العلماء. وهو حضٌّ على الإخلاص في الأعمال، والتستر بها، ويستوي في ذلك جميع أعمال البر التطوعية.

فأما الفرائض فالأولى إشاعتها وإظهارها لتنحفظ قواعد الدين، ويجتمع الناس على العمل بها، فلا يضيع منها شيء، ويظهر بإظهارها جمال دين الإسلام، وتعلم حدوده وأحكامه. والإخلاص واجب في جميع القرب، والرياء مفسد لها.

وقوله: (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)؛ هذا مبالغة في إخفاء الصدقة.


(١) من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>