للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيلٍ: فَنَزَّلَنِي زَيدُ بنُ وَهبٍ مَنزِلاً. حَتَّى قَالَ: مَرَرنَا عَلَى قَنطَرَةٍ، فَلَمَّا التَقَينَا وَعَلَى الخَوَارِجِ يَومَئِذٍ عَبدُ اللهِ بنُ وَهبٍ الرَّاسِبِيُّ فَقَالَ لَهُم: أَلقُوا الرِّمَاحَ وَسُلُّوا سُيُوفَكُم مِن جُفُونِهَا، فَإِنِّي أَخَافُ أَن

ــ

لا تُحصّل ذلك، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (لن ينجي أحدًا منكم عمله) (١)، لكن ذلك العمل الذي هو قتلهم عظيم، وثوابه جسيم، بحيث لو اطلع عليه صاحبه؛ لاعتمد عليه، وظن أنه هو الذي ينجيه.

والرواية في ذلك اللفظ: لاتَّكلوا بلام ألف، وبالتاء باثنتين، من التوكُّل، وقد صحّفه بعضهم فقال: لنكلوا بالنون من النكول عن العمل. أي: لا يعملون شيئًا؛ اكتفاء بما حصل لهم من ثواب ذلك. وهذا معنى واضح لو ساعدته الرواية.

والعضد: ما بين المنكب والمرفق. وحلمة الثدي: الأنبوبة التي يخرج منها اللبن، وتسمى السعدانة. وسرح الناس: مواشيهم.

وقول سلمة: فنزلني زيد منزلاً؛ أي: أخبرني بالمواضع التي نزلها علي مع جيشه منزلا منزلاً واحدًا واحدًا، وصوابه: منزلاً منزلاً مرتين؛ لأن معناه: أخبرني بالمنازل مفصَّلة، فهو منصوب على الحال، كما تقول العرب: علّمته الحساب بابًا بابًا. ولا يكتفى في هذا النوع بذكر مرة واحدة؛ لأنه لا يفيد ذلك المعنى، غير أنه وقع هنا منزلاً مرة واحدة، لجميع رواة مسلم فيما أعلم.

وقد جاء من كتاب النسائي: منزلاً منزلاً، وهو الصحيح.

وقول زعيم الخوارج: ألقُوا الرماح، وسُلُّوا السيوف؛ كان في هذا الرأي فتح للمسلمين، وصيانة لدمائهم، وتمكين من الخوارج؛ بحيث تُمُكّنَ منهم بالرماح، فَطُعِنُوا ولم يكن لهم بما يطعنون أحدًا، فَقُتِلوا عن بكرة أبيهم، ولم يقتل من المسلمين سوى رجلين، فنعوذ بالله من تدبير يقود إلى تدمير.


(١) رواه مسلم (٢٨١٧) من حديث جابر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>