وقول علي في الأم: أنا أبو حسن القَرم، والله لا أَريم مَكَاني حتى يرجعَ إليكما ابناكما بِحَور ما بَعَثتُما به؛ إنما قال: أبو حسن القرم؛ لأجل الذي كان عنده من علم ذلك، وكان رضي الله عنه يقول هذه الكلمة عند الأخذ في قضية تشكل على غيره وهو يعرفها، ولذلك جرى كلامه هذا مجرى المثل، حتى قالوا: قضية ولا أبا حسن؛ أي: هذه قضية مشكلة، وليس هناك من يبينها، كما كان يفعل أبو حسن الذي هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأتوا بأبي حسن بعد لا النافية للنكرة على إرادة التنكير. أي: ليس هناك واحد ممن يسمى أبا حسن، كما قالوا:
أرى الحاجات عند أبي خُبَيب ... نُكِدنَ ولا أمية في البلاد
أي: لا واحدٌ ممن يُسمى أمية.
والقَرم: أصله الفحل من الإبل، ويستعار للرجل الكبير المجرّب الأمور. وهذه رواية القاضي الشهير - بالراء - والرفع على النعت لأبي حسن. وقد روي: بالواو مكان الراء بإضافة حسن إليه، وهي رواية ابن أبي جعفر، ووجهها: كأنه ق ل: أنا عالم القوم وذو رأيهم. وقد رُوي عن أبي بحر: أبو حسنٌ، بالتنوين، وبعده: القرم، بالرفع؛ أي: أنا من علمتم أيها القوم، وهذه الرواية أبعدها.
وقوله: لا أريم؛ أي: لا أزال ولا أبرح من مكاني هذا. قال زهير: