[٩٤٨] وَعَن جَرِيرِ بنِ عَبدِ اللهِ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأَعرَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: إِنَّ أنَاسًا مِنَ المُصَدِّقِينَ يَأتُونَنَا فَيَظلِمُونَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (أَرضُوا مُصَدِّقِيكُم).
قَالَ جَرِيرٌ: مَا صَدَرَ عَنِّي مُصَدِّقٌ مُنذُ سَمِعتُ هَذَا مِن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلا هُوَ عَنِّي رَاضٍ.
رواه أحمد (٤/ ٣٦٢)، ومسلم (٩٨٩) و (٩٨٩/ ١٧٧)، وأبو داود (١٥٨٩)، والنسائي (٥/ ٣١).
* * *
ــ
من ادّعى خصوصية ذلك بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال كثير من المفسرين في معنى سَكَنٌ لَهُم؛ أي: طمأنينة وتثبيت وبركة وتزكية.
وقول جرير: جاء ناس من الأعراب؛ يريد: أهل البادية. وقد ذكرنا الفرق بين الأعرابي والعربي، ولا شك أن أهل البادية أهل جفاء وجهل غالبًا، ولذلك قال تعالى:{الأَعرَابُ أَشَدُّ كُفرًا وَنِفَاقًا وَأَجدَرُ أَلا يَعلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ}، ولذلك نسبوا الظلم إلى مُصَدِّقي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإلى فضلاء أصحابه، فإنه ما كان يستعمل على ذلك إلا أعلم الناس وأعدلهم، لكن لجهل الأعراب بحدود الله ظنوا: أن ذلك القدر الذي كانوا يأخذونه منهم هو ظلم، فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -: (أرضوا مصدِّقيكم وإن ظُلِمتم)؛ أي على زعمكم وظنكم، لا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سوّغ للعمال الظلم، وأمر الأعراب بالانقياد لذلك؛ لأنه كان يكون ذلك منه إقرارًا على