للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي لفظ آخر: فَإِن غُمِّيَ عَلَيكُم الشَّهرُ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ.

رواه أحمد (٢/ ٤٥٤ و ٤٥٦)، والبخاري (١٩٠٩)، ومسلم (١٠٨١) (١٨)، والنسائي (٤/ ١٣٣).

ــ

والفطر لمن صحت له الرؤية، سواء شورك في رؤيته، أو انفرد بها. وهو مذهب الجمهور. وذهب عطاء وإسحاق: إلى أنه لا يلزمه حكم شيء من ذلك إذا انفرد بالرؤية. وهذا الحديث ردٌّ عليهما.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب (١) أي: لم نكلف في تعرف مواقيت صومنا ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، وإنما ربطت عباداتنا بأعلام واضحة، وأمور ظاهرة، يستوي في معرفة ذلك الحُسَّاب وغيرهم. ثم تمم هذا المعنى وكمَّله حيث بيَّنه بإشارته بيديه، ولم يتلفظ بعبارة عنه نزولاً إلى ما يفهمه الخُرصُ (٢) والعجم. وحصل من إشارته بيديه ثلاث مرات: أن الشهر يكون ثلاثين، ومن خَنسِهِ (٣) إِبهامه في الثالثة: أن الشهر يكون تسعًا وعشرين؛ كما قد نصَّ عليه في الحديث الآخر.

وعلى هذا الحديث: من نذر أن يصوم شهرًا غير معين؛ فله أن يصوم تسعًا وعشرين؛ لأن ذلك يقال عليه: شهر، كما أن من نذر صلاة أجزأه من ذلك ركعتان؛ لأنه أقل ما يصدق عليه الاسم. وكذلك من نذر صومًا فصام يومًا أجزأه. وهو خلاف ما ذهب إليه مالك. فإنه قال: لا يجزئه إذا صامه بالأيام إلا ثلاثون يومًا؛ فإن صامه بالهلال فعلى ما يكون ذلك الشهر من رؤية هلاله.


(١) هذا الحديث لا يفيد إلزام المسلمين أن يبقوا أميِّين، بل يقرِّر واقعًا وُجد آنذاك.
والآيات والأحاديث الحاضَّةُ على العلم تدلُّ على طَلَب التَّغيير لذلك الوَاقع؛ كقوله تعالى: {اقرأ} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "طلب العلم فريضة".
(٢) هكذا في الأصول، ولعله: الخُرْس، جمع أخرس.
(٣) "خنسه": قبضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>