للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتقَاكُم لِلَّهِ وَأَخشَاكُم لَهُ.

رواه مسلم (١١٠٨).

* * *

ــ

لزم منه إسقاط التكاليف، وكذلك قد يقع مثله أيضًا عند سماع قوله - صلى الله عليه وسلم - في حق التائب بعد الثالثة: (اعمل (١) ما شئت فقد غفرت لك) (٢). وهذا الخاطر باطل بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (إني لأتقاكم لله وأشدُّكم له خشية)، وبدليل الإجماع المعلوم: على أن التكاليف لا تسقط عمن حصلت له شروطها.

وإنما محمل هذه الظواهر الموجبة للغفران في المستقبل على المعونة على الطاعات، والحفظ عن المخالفات، بحيث لا تقع الذنوب منه فيما يأتي، ويصح أن يعبر عن هذا المعنى بالمغفرة؛ لأن المغفرة هي الستر، وهذا قد ستر بالطاعات عن المعاصي؛ بحيث لا تقع منه، أو لأن حاله حال المغفور له، من حيث إنه لا ذنب له، والله تعالى أعلم.

وقوله: (إني لأتقاكم لله وأخشاكم له)؛ أي: لأكثركم تقوى. وقد قدمنا: أن التقوى بمعنى الوقاية. والخشية: الخوف. وقد فرق بعض الناس بينهما. فقال: الخشية أشد الخوف. وقيل: الخوف: التطلع لنفس الضرر، والخشية: التطلع لفاعل الضرر. وإنما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد الناس لله خشية؛ لأنه أعظمهم له معرفة.

* * *


(١) في (ع): افعل.
(٢) رواه أحمد (٢/ ٤٩٢)، ومسلم (٧٥٨) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>