رواه أحمد (٣/ ٣١٩)، والبخاري (١٩٤٦)، ومسلم (١١١٥)، وأبو داود (٢٤٠٧)، والنسائي (٤/ ١٧٧).
* * *
ــ
من الصوم عصى بصومه، وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم:(أولئك العصاة).
وقوله:(ليس من البر الصيام في السفر)؛ فإنه خرج على قوم سقطوا من جهد الصوم، حتى ظلل عليهم. فيتناول من كان على مثل حالهم. وأما من لم يكن كذلك، فحكمه ما تقدم من التخيير. وبهذا يرتفع التعارض بين الأحاديث، وتجتمع الأدلة كلها، ولا يحتاج إلى فرض النسخ؛ إذ لا تعارض، والله تعالى أعلم.
وقوله:(ليس من البر الصيام في السفر)، هذا القول، وقوله:(أولئك العصاة) من حديث جابر. الظاهر: أن القضية واحدة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال القولين في تلك القضية الواحدة. وقد تأوَّل بعض علمائنا قوله:(ليس من البر)؛ أي: البر الواجب. وهذا التأويل إنما يحتاج إليه من قطع الحديث عن سببه، وحمله على عمومه. وأما على ما قررناه؛ فلا حاجة إليه.
وروي هذا الحديث هنا:(ليس البر) بغير (من)، وقد روي من طريق أخرى:(ليس من البر)، وهي (من) الزائدة التي تزاد لتأكيد النفي.
وقد ذهب بعض الناس إلى أنها مبعضة هنا. وليس بشيء. وقد روى أهل الأدب:(ليس من امبَر امصيام في امسفر)، فأبدلوا من اللام ميمًا، وهي لغة قوم من العرب. وهي قليلة، والله تعالى أعلم.