وقول عمر:(رضينا. . . .) إلخ؛ يقتضي تسكين غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث: إنه يقتضي الطواعية الكلية، والانقياد التام، ويتضمن ذلك: مرنا بأمرك ننفذه على أي وجه، وفي أي محل، ومن حيث: التعوذ بالله وبرسوله، وهو الالتجاء إليهما، والاستجارة بهما من غضبهما.
وقد كان عمر - رضي الله عنه - جعل هذا الكلام هِجِّيراه (١) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما غضب، فإنه قد روي: أنه قال له هذا الكلام مرارًا في مواطن متعددة.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل عن صيام الأبد فقال -: (لا صام ولا أفطر)؛ يحتمل أن يكون دعا عليه، لا أنه أخبر عنه، ويحتمل أن يكون خبرًا عن أنه لم يأت بشيء. ووجه ذلك: أن من سرد الصوم صار له عادة، ولم يجد له مشقة، فيعود النهار في حقه كالليل في حق غيره، فكأنه ما صام؛ إذ لم يجد ما يجده الصائم، ولا أفطر لصورة الصوم، وتكون (لا) بمعنى (ما)؛ كما قال تعالى:{فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} وحمل كثير من العلماء هذا على ما إذا صام الأيام المحرمة، فأما لو أفطرها: فكرهه قوم، وأجازه آخرون. وقال أبو الطاهر بن بشير: وهو مستحب. وهذا أبعدها.
وقوله - وقد سئل عن صوم يوم وإفطار يومين:(ليت أن الله قوَّانا على ذلك)؛ يشكل مع وصاله، وقوله:(إني أبيت أطعم وأسقى). ويرتفع الإشكال: بأن