للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٠٤٢] وعنه أَنَّ رِجَالاً مِن أَصحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أُرُوا لَيلَةَ القَدرِ فِي المَنَامِ فِي السَّبعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: أَرَى رُؤيَاكُم قَد تَوَاطَأَت فِي السَّبعِ الأَوَاخِرِ، فَمَن كَانَ مُتَحَرِّيَهَا، فَليَتَحَرَّهَا فِي السَّبعِ الأَوَاخِرِ.

ــ

تعالى: {حم}، {وَالكِتَابِ المُبِينِ}، {إِنَّا أَنزَلنَاهُ فِي لَيلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكِيمٍ * أَمرًا مِن عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرسِلِينَ * رَحمَةً مِن رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ}

معنى (يفرق): يفصل ويبين. و (حكيم) محكم؛ أي: متقن. و (أمرًا): منصوب على القطع، ويصح بنزع الخافض؛ أي: يفرق بأمر. فلما أسقط الخافض تعدى الفعل فنصب.

واختلف الناس اختلافًا كثيرًا في ليلة القدر: هل كانت مخصوصة بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو لا؟ فالجمهور: على أنها ليست مخصوصة. ثم اختلفوا: هل هي متنقلة في الأعوام، أوليست متنقلة؟ ثم الذين قالوا: إنها ليست متنقلة اختلفوا في تعيينها، فمن معين ليلة النصف من شعبان. ومن قائل: هي ليلة النصف من رمضان. ومن قائل: هي ليلة سبع عشرة. ومن قائل: هي ليلة تسع عشرة. ثم ما من ليلة من ليالي العشر إلا وقد قال قائل: بأنها ليلة القدر. وقيل: هي آخر ليلة منه. وقيل: هي معينة عند الله تعالى غير معينة عندنا. وهذه الأقوال كلها للسَّلف والعلماء. وسبب اختلافهم اختلاف الأحاديث كما ترى.

قلت: والحاصل من مجموع الأحاديث، ومما استقر عليه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبها: أنها في العشر الأواخر من رمضان، وأنها متنقلة فيه، وبهذا يجتمع شتات الأحاديث المختلفة الواردة في تعيينها. وهو قول مالك، والشافعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وغيرهم على ما حكاه أبو الفضل عياض. فاعتَمِد عليه، وتَمَسَّك به.

وقوله أرى رؤياكم قد تواطأت أي: توافقت، والمواطأة: الموافقة. وقوله فمن كان متحريها، أي: طالبها، مجتهدا فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>