رواه البخاري (١٥٥٩)، ومسلم (١٢٢١)(١٥٤ و ١٥٥) و (١٢٢٢)، والنسائي (٥/ ١٥٣).
* * *
ــ
وقوله:(قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه)؛ يعني به: فسخ الحج في العمرة. ونسبة الفسخ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه أمر بفعله. واعتلاله بقوله:(كرهت أن يظلُّوا بهن مُعرِسِين في الأراك) يعني: أنه كره أن يحلُّوا من حجهم بالفسخ المذكور، فيطؤون نساءهم قبل تمام الحج الذي كانوا أحرموا به. ولا يظن بمثل عمر رضي الله عنه، الذي جعل الله الحق على لسانه وقلبه أنه منع ما جوَّزه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرأي والمصلحة، فإن ذلك ظنُّ مَن لم يعرف عمر، ولا فهم استدلاله المذكور في الحديث، وإنما تمسَّك بقول الله عز وجل:{وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ لِلَّهِ}؛ ففهم: أن من تلبس بشيء منهما وجب عليه إتمامه، ثم ظهر له: أن ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه قضية معينة مخصوصة على ما ذكرناه فيما تقدَّم، فقضى بخصوصية ذلك لأولئك. ثم إنه أطلق الكراهية وهو يريد بها التحريم، وتجنب لفظ التحريم؛ لأنه مما أداه إليه اجتهاده. وهذه طريقة كبراء الأئمة: كمالك، والشافعي. وكثيرًا ما يقولون: أكره كذا ... وهم يريدون التحريم، وهذا منهم تحرُّز وحَذَر، من قوله تعالى:{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ}
(مُعرِسِين): جمع مُعرِس، وهو الذي يخلو بِعِرسِهِ؛ أي: بزوجته. ولا يصحُّ