ألاّ أطوف بهما)؛ إنما فهم هذا عروة من ظاهر قوله تعالى:{فَلا جُنَاحَ عَلَيهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ووجه فهمه أن رفع الحرج عن الفعل إنما يشعر بإباحته، لا بوجوبه، وهو مُقتضى ظاهرها؛ إذا لم يعتبر سبب نزولها. فإذا وقف على سبب نزولها تحقق الواقع عليه: أنها إنما أتت رافعة لحرج من تحرَّج من الطواف بينهما على ما يأتي.
وقد اختلف فيه قولُ عائشة، واختلف الرواة عنها في ذلك. ففي بعض الروايات عنها: أن أهل المدينة كان من أهل منهم لِمَناة؛ لم يطف بينهما. وكأن هؤلاء بقوا بعد الإسلام على ذلك الامتناع حتى أنزلت الآية. وفي بعضها: أن من أهل لإساف ونائلة بالإسلام خافوا ألا يكون مشروعًا لمن لم يهل لهما. فرفع الله تلك التوهمات كلها بقوله:{فَلا جُنَاحَ عَلَيهِ} وقد ذكر أبو بكر بن عبد الرحمن عند سماعه قول عائشة -رضي الله عنها- ما يدل على سببين آخرين، نص عليهما في معنى الحديث، ويرتفع الإشكال، ويصح الجمع بين هذه الروايات المختلفة بالطريق الذي سلكه أبو بكر بن عبد الرحمن؛ حيث قال: فأراها نزلت في هؤلاء