والأجود:(فأُزحفت) بضم الألف، يقال: زحف البعير: إذا قام (١) من الإعياء، وأزحفه المسير. وقال أبو عبيد الهروي: أزحف البعير، فأزحفه السير. و (إن) تُروى بكسر الهمزة على الشرط، وبفتحها: على أنها معمولة لحرف جر حُذِف، فتعدَّى الفعل إليها الذي هو: عيَّ، : وعَيِيَ - مشددًا ومُفككًا، وهما لغتان معروفتان، وعليهما قرئ:{مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} وفي الأم: لأستحفين عن ذلك؛ أي: لأكثرنَّ السؤال عنه. يقال: أحفى في المسألة، وألَحَّ، وألحف: إذا بالغ فيها. ومنه قوله تعالى:{كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنهَا}؛ أي: كأنه كثر سؤاله عنها حتى أخبر عنها، ومنه قول الأعشى:
فَإن تسألي عَنَّا فَيَا رُبَّ سائلٍ ... حفيٍ عَنِ الأَعشَى به حيث أَصعَدا
وقوله:(ثم اصبُغ نعليها في دمها، ثم اجعلها على صفحتها)؛ يعني: النَّعل الَّذِي قلَّدها به يجعله على صفحة عنقها، وإنما أمره بذلك ليكون ذلك علامة على أنه هديٌ، فيمتنع منه كل من لا يحل له أكله على ما يأتي.
وقوله:(ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك)؛ يعني برفقته: المرافقين له في سوق الهدي ومن يتعلَّق به. وإنما منعه النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفاقته من أكلها سدًّا للذريعة؛ لأنه لو لم يمنعهم من ذلك لأمكن أن يبادروا إلى نحرها، أو يتسبَّبوا إلى ذلك ليأكلوها، فلما منعهم من المحذور المتوقع انسدَّ ذلك الباب. وهذا وأشباهه من المواضع الواقعة في الشريعة حمل مالكًا على القول بسدِّ الذريعة. وهو أصل عظيم لم يظفز به إلا مالك بدَّقة نظره، وجودة قريحته. وبظاهر هذا النهي قال