للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَفَّارَةٌ لِمَا بَينَهُمَا،

ــ

وقال بعض اللغويين: الاعتمار والعُمرة القصد، قال (١):

لقد سَما ابنُ مُعمَرٍ حين اعتَمَر (٢) ... . . . . . . . . . . . . . . . .

أي حين قصد، وهي في عرف الشرع زيارة البيت على أحكام مخصوصة.

وقد اختلف في حكمها؛ فذهب جماعة من السَّلف على وجوبها، وهو قول الأوزاعي والثوري وابن حبيب (٣) وابن الجهم من أصحابنا، وحكي عن أبي حنيفة. وذهب آخرون إلى أنها ليست بواجبة، وهو قول مالك ومشهور قول أبي حنيفة وأصحابه وداود. واختلفت الرواية فيها عن الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور، إلا أن مالكًا قال: إنها سُنة مؤكدة. وبعض هؤلاء يجعلها مستحبة. ومُتمسَّك من قال بوجوبها قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ لِلَّهِ} وليس فيه حُجَّة؛ لأنا نقول بموجبه: فإن من شرع في شيء من أعمال الطاعات وجب عليه إتمامه وإن كان مستحبًا - وقد تقدَّم هذا المعنى غير ما مرة.

وقوله العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما؛ يعني: لما يقع بينهما من السَّيِّئات. وقد استوفينا هذا المعنى في كتاب الطهارة، وقد استدل بظاهر هذا من قال بجواز تكرار العمرة في السَّنة الواحدة وهم الجمهور وأكثر أصحاب مالك، وذهب مالك إلى كراهية ذلك، ومتمسكه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر خمس عُمر كل عمرة منها في سنة غير الأخرى، مع تمكنه من التكرار في السنة الواحدة، ولم يفعل.


(١) القائل هو العجاج.
(٢) الذي في اللسان: لقد غزا ابن معمر حين اعتمر.
(٣) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>