رواه أحمد (٤/ ٣٣٩)، والبخاري (٣٩٣٣)، ومسلم (١٣٥٢)(٤٤١ و ٤٤٢)، وأبو داود (٢٠٢٢)، والترمذي (٩٤٩)، والنسائي (٣/ ١٢٢)، وابن ماجه (١٠٧٣).
* * *
ــ
وقوله للمهاجر إقامة ثلاثٍ بعد الصدر بمكة، المهاجر هنا يعني به كل من هاجر من مكة إلى المدينة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعني به من هاجر من غيرها؛ لأن هذا الحديث خرج جوابًا عن سؤالهم حين تحرجوا من المقام بمكة، إذ كانوا تركوها لله تعالى، فأجابهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ورأى أن إقامة الثلاث ليست بإقامة. وقد تقدَّم احتجاج مالك بهذا على تحديد المدة الفاصلة بين الإقامة والسَّفر، وبهذا الحديث قال الجمهور، فحكموا بمنع المهاجر من أهل مكة من المقام بها بعد الفتح، وأجاز ذلك لهم جماعة بعد الفتح.
قلت: وهذا الخلاف وإن كان فيمن مضى حكمهم وانقرض عصرهم وهجرتهم الخاصة بهم، لكن يبنى عليه خلاف فيمن فرَّ بدينه عن موضع ما يخاف فتنته وترك فيه رباعًا، ثم ارتفعت تلك الفتنة؛ فهل يرجع لتلك الرِّباع أم لا؟ فنقول: إن كان ترك رباعه لوجه الله تعالى كما فعله المهاجرون فلا يرجع لشيء من ذلك، وإن كان إنما فرَّ بدينه ليسلمَ له ولم يخرج عن شيء من أملاكه فإنه يرجع إلى ذلك كله؛ إذ لم يزُل شيء من ذلك عن ملكه، والله تعالى أعلم