و(الخلى) مقصور، هو الرطب من الكلأ مقصورًا مهموزًا. والحشيش: هو اليابس منه، والكلأ يقال على الخلى والحشيش. والشجر: ما كان على ساقٍ. وفي بعض طرقه شجراؤها وهو جنس الشجر، وهي العضاه أيضًا في الحديث الآخر. والعِضاه من شجر البادية: كل شجر له شوك. ومنه ما يسمى بـ (الكَنَهبُل) و (السَّيَال)، ولهذا الحديث خصَّ الفقهاء مطلق الشجر المنهي عن قطعه مما يُنبته الله تعالى من غير صُنع آدمي اتفاقًا منهم، فأما ما ينبت بمعالجة آدمي فيجوز قطعه.
ثم اختلفوا في جزاء ما قطع من النوع الأول؛ فقال مالك: لا جزاءَ فيه لعدم ما يدل على ذلك. وقال الشافعي وأبو حنيفة: فيه الجزاء - فعند أبي حنيفة تؤخذ قيمة ما قطع فيشترى بها هدي، وعند الشافعي في الدوحة - وهي الشجرة العظيمة - بقرة وفيما دونها شاة. وأما قطع العشب للرعي فمنع ذلك أبو حنيفة ومحمد بن الحسن، وأجازه غيرهما.
وقوله ولا ينفر صيده؛ أي: لا يُهاج عن حاله ولا يُعرَض له. قال عكرمة: هو أن ينحيه من الظل إلى الشمس - وقد تقدَّم القول فيه.
وقوله ولا يلتقط لُقَطَته إلا منشدٌ، اتفق رواة المحدثين على ضمِّ اللام وفتح القاف من اللقطة هنا؛ أرادوا به الشيء الملتقط، وليس كذلك عند أهل اللسان، قال الخليل: اللقطة بفتح القاف اسم للذي يَلتقط، وبسكونها لما يُلتقط. قال الأزهري: هذا قياس اللغة؛ لأن (فُعَلَةٌ) في كلامهم جاء فاعلًا كالهُزَأة للذي يهزأ بالناس، وجاء مفعولًا كالهزأة للذي يهزأ به الناس، إلا أن الرواة أجمعوا على أن اللقطة الشيء الملتقط. و (المنشد): هو المعرِّف. و (الناشد): هو الطالب والباغي، كما قال:
أنشدوا الباغي يُحِبُّ الوُجدَان (١)
(١) "الباغي": الذي يطلب الشيء الضال. و"الوجدان": الاهتداء إلى الضالة ووجودها.