للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ. فَلَمَّا أَشرَفَ عَلَى المَدِينَةِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَينَ جَبَلَيهَا، مِثلَ مَا حَرَّمَ بِهِ إِبرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِك لَهُم فِي مُدِّهِم وَصَاعِهِم.

رواه أحمد (٣/ ١٥٩)، والبخاري (٥٤٢٥)، ومسلم (١٣٦٥).

ــ

وقوله لأُحُدٍ هذا جبل يحبنا ونحبه، ذهب بعض الناس إلى أن هذا الحديث محمول على حقيقته وأن الجبل خُلِق فيه حياة ومحبَّة حقيقية، وقال: هو من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا لا يصدر عن مُحقق؛ إذ ليس في اللفظ ما يدل على ما ذكروا، والأصل بقاء الأمور على مستمر عاداتها حتى يدل قاطع على انخراقها لنبي أو ولي على ما تقرر في علم الكلام.

والذي يصح أن يُحمل عليه الحديث أن يقال: إن ذلك من باب المجاز المستعمل؛ فإما من باب الحذف، فكأنه قال: يحبنا أهله، كما قال: {وَاسأَلِ القَريَةَ} وهذا المعنى موجود في كلام العرب وفي أشعارهم كثيرًا، كقوله:

أَمُرُّ على الدِّيارِ دِيارِ ليلى ... أُقَبِّلُ ذا الجِدارَ وذا الجِدارا

وما تلك الدِّيارُ شَغَفنَ قَلبِي ... ولكن حُبُّ مَن سَكَنَ الدِّيارا

وإمَّا مِن باب الاستعارة؛ أي: لو كان ممن يعقل لأحبنا. أو على جهة مطابقة اللفظ اللفظ، أو لأنه استُشهد به من أحبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - كحمزة وغيره من الشهداء الذين استشهدوا به يوم أحد رضي الله عنهم.

وقوله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أُحرِّم ما بين جَبَلَيها - وفي لفظ آخر: مَأزِمَيها بكسر الزاي وفتح الميم الثانية؛ بمعنى: جبليها - على ما قاله ابن شعبان، قال

<<  <  ج: ص:  >  >>