للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَجَعَلَهَا حَرَمًا، وَإِنِّي حَرَّمتُ المَدِينَةَ حَرَامًا مَا بَينَ مَأزِمَيهَا؛ أَلَّا يُهرَاقَ فِيهَا دَمٌ، وَلَا يُحمَلَ فِيهَا سِلَاحٌ لِقِتَالٍ، وَلَا تُخبَطَ فِيهَا شَجَرَةٌ إِلَّا لِعَلفٍ، اللَّهُمَّ بَارِك لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، اللَّهُمَّ بَارِك لَنَا فِي صَاعِنَا، اللَّهُمَّ بَارِك لَنَا فِي مُدِّنَا، اللَّهُمَّ بَارِك لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، اللَّهُمَّ اجعَل مَعَ البَرَكَةِ بَرَكَتَينِ، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا مِن المَدِينَةِ شِعبٌ وَلَا نَقبٌ إِلَّا عَلَيهِ مَلَكَانِ يَحرُسَانِهَا حَتَّى تَقدَمُوا إِلَيهَا.

ــ

وقوله لا يُحمل فيها سلاح، ولا تُخبط فيها شجرة، هذا كله يقضي بالتسوية (١) بين حرم المدينة وحرم مكة، وهو ردٌّ على أبي حنيفة على ما تقدَّم.

وقوله إلا لعلف، لم يذكر هذا الاستثناء في شجر مكة، وهو أيضا جار فيها ولا فرق بينهما، وكذلك ذكر في مكة إلا الإذخر ولم يذكره في المدينة، وهو أيضًا جارٍ فيها؛ إذ لا فرق بين الحرمين. والحاصل من الاستثنائين أن ما دعت الحاجة إليه من العلف والانتفاع بالحشيش جاز تناوله على وجه المس والرفق من غير عنف ولا كسر غصن، وهو حجة على من منع شيئًا من ذلك.

وقوله ما من المدينة شِعبٌ ولا نقبٌ إلا عليه ملكان يحرسانها، الشِعب - بكسر الشين: هو الطريق في الجبل، قاله يعقوب وغيره. والنقب - بفتح النون وضمها: هو الطريق على رأس الجبل. وقيل: هو الطريق ما بين الجبلين. وقال الأخفش: أنقاب المدينة طرقها وفجاجها. وما يهيجهم؛ أي: ما يحركهم. يقال: هاج الشيء وهجته، وهاجت الحرب وهاجها الناس؛ أي: حركوها وأثاروها. وبنو عبد الله بن غطفان كانوا يُسمَّون في الجاهلية بني عبد العزّى، سمَّاهم النبي صلى الله عليه وسلم بني عبد الله فسمتهم العرب بني محولة لتحويل اسمهم، وفي هذا ما يدل على أن حراسة الملائكة للمدينة إنما كان إذ ذاك في مدة غيبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عنها نيابة عنهم.


(١) في (ز): يقتضي التسوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>