للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَهِيدًا - يَومَ القِيَامَةِ إِذَا كَانَ مُسلِمًا.

رواه مسلم (١٣٧٤) (٤٧٧).

[١٢٣٠] وَعَن عَائِشَةَ قَالَت: قَدِمنَا المَدِينَةَ وَهِيَ وَبِيئَةٌ، فَاشتَكَى أَبُو بَكرٍ، وَاشتَكَى بِلَالٌ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- شَكوَى أَصحَابِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّب إِلَينَا المَدِينَةَ كَمَا حَبَّبتَ مَكَّةَ أَو أَشَدَّ، وَصَحِّحهَا وَبَارِك لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَحَوِّل حُمَّاهَا إِلَى الجُحفَةِ.

رواه أحمد (٦/ ٥٦)، والبخاري (١٨٨٩)، ومسلم (١٣٧٦).

ــ

وقوله إذا كان مسلمًا يُقَيّد ما تقدَّم من مطلقات هذه الألفاظ، ويُنَبَّه على القاعدة المقرَّرة من أن الكافر لا تناله شفاعة شافع، كما قال الله تعالى مخبرًا عنهم: {فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ}.

وقوله في المدينة وهي وبيئة بالهمزة من الوباء، وهو هنا شدَّة المرض والحمَّى، وكانوا لَمَّا قدموا المدينة لم توافقهم في صحتهم، فأصابتهم أمراض عظيمة ولقوا من حُمَّاها شدَّة، حتى دعا لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وللمدينة فكشف الله ذلك ببركة دعائه، كما ذكر في هذا الحديث وفي غيره.

وقوله وحوَّل حُمَّاها إلى الجحفة، قد ذكرنا الجحفة في باب المواقيت، وإنما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا رحمة لأهل المدينة ولأصحابه ونقمة من أهل الجحفة؛ فإنهم كانوا إذ ذاك كفارًا. قال الخطابي: كانوا يهودًا. وقيل: إنه لم يبق أحد من أهل الجحفة في ذلك الوقت إلا أخذته الحمَّى. وفيه الدعاء للمسلم وعلى الكافر، وهذا وما في معناه من أدعية النبي - صلى الله عليه وسلم - التي تفوق الحصر حجَّة على بعض المعتزلة القائلين لا فائدة في الدَّعاء مع سابق القدر، وعلى غلاة الصوفية القائلين إن الدعاء قادح في التوكل، وهذه كلها جهالات لا ينتحلها إلا جاهل غبيٌّ لظهور فسادها وقُبح ما يلزم عليها، ولبسط هذا موضع آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>