للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٢٤٢] وعن أبي هُرَيرَةَ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: يَترُكُونَ المَدِينَةَ عَلَى خَيرِ مَا كَانَت لَا يَغشَاهَا إِلَّا العَوَافِي -يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيرِ- ثُمَّ يَخرُجُ رَاعِيَانِ مِن مُزَينَةَ يُرِيدَانِ المَدِينَةَ يَنعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وَحشًا،

ــ

وقوله تتركون المدينة على خير ما كانت، تتركون بتاء الخطاب، ومراده غير المخاطبين، لكن فرعهم من أهل المدينة أو نسلهم، وعلى خير ما كانت أي على أحسن حال كانت عليه فيما قبل، وقد وجد هذا الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنها صارت بعده - صلى الله عليه وسلم - معدن الخلافة وموضعها ومقصد الناس وملجأهم ومعقلهم، حتى تنافس الناس فيها وتوسعوا في خططها، وغرسوا وسكنوا منها ما لم يسكن من قبل، وبنوا فيها، وشيَّدوا حتى بلغت المساكن إهاب، كما سيأتي في حديث أبي هريرة الآتي إن شاء الله تعالى، وجُلبت إليها خيرات الأرض كلها، فلما انتهت حالها كمالًا وحسنًا انتقلت عنها الخلافة إلى الشام فغلبت عليها الأعراب وتعاورتها الفتن، فخاف أهلها فارتحلوا عنها.

وذكر الأخباريون أنها خَلَت من أهلها وبقيت ثمارها للعوافي الطير والسباع، كما قال صلى الله عليه وسلم، ثم تراجع الناس إليها، وفي حال خلائها غَذَت الكلاب على سواري المسجد. وعوافي الطير: هي الطالبة لما تأكل. يقال: عضوته، أعضوه - إذا طلبت معروفه. وغَذَّى الكلب يُغَذِّي: إذا بال دفعة بعد دفعة.

وقوله ثم يخرج راعيان من مزينة ينعقان بغنمهما؛ أي: يصيحان بها ليسوقاها. والنعاق: صوت السائق للغنم. ومنه قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنعِقُ بِمَا لا يَسمَعُ}

وقوله فيجدانها وحشًا؛ أي خلاء، يقال: أرض وحش - أي خالية، ومشى وحشًا؛ أي: وحده. قاله الحربي. ويحتمل أن يكون معناه: كثيرة الوحش؛ كما قال في البخاري فيجدانها وحوشًا، أي: يجدان المدينة كثيرة الوحوش لما

<<  <  ج: ص:  >  >>