للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعظَمُ غَدرًا مِن أَمِيرِ عَامَّةٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ: لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عند استه يَومَ القِيَامَةِ.

رواه مسلم (١٧٣٨) (١٥ و ١٦).

ــ

وقوله: (عند استه)؛ معناه - والله أعلم -: عند مقعده؛ أي: يلزم اللواء به، بحيث لا يقدر على مفارقته (١)، ليمر به الناس فيروه، ويعرفوه، فيزداد خجلًا، وفضيحة عند كل من مرَّ به.

وقوله: (ولا غادر أعظم غدرًا من أمير عامة)؛ يعني: أن الغدر في حقه أفحش، والإثم عليه أعظم منه على غيره لعدم حاجته إلى ذلك. وهذا كما قاله - صلى الله عليه وسلم - في الملك الكذَّاب، كما تقدم في كتاب الإيمان (٢). وأيضًا: فلما في غدر الأئمة من المفسدة، فإنهم إذا غدروا، وعلم ذلك منهم، لم يأمنهم العدوّ على عهدٍ، ولا صلح، فتشتد شوكته، ويعظم ضرره، ويكون ذلك منفرًا من الدخول في الدين، وموجبًا لذم أئمة المسلمين. وقد مال أكثر العلماء: إلى أنه لا يقاتل مع الأمير الغادر، بخلاف الخائن، والفاسق. وذهب بعضهم إلى الجهاد معه. والقولان في مذهبنا. والله تعالى أعلم.

فأما إذا قلنا (٣): لم يكن للعدوّ عهد فينبغي أن يتحيّل على العدو بكل حيلة، وتدار عليهم كل خديعة، وعليه يحمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الحرب خَدعة) بفتح الخاء، وسكون الدال، وهي لغة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي مصدر (خدع) المحدود بالتاء (٤)؛ كغرفة، وخطوة - بالفتح فيهما -، ومعناه: أن الحرب تكون


(١) ساقط من (ع).
(٢) سبق تخريجه برقم (٨٣).
(٣) من (ط) و (ل) و (ج).
(٤) ساقط من الأصول، واستدرك من: إكمال إكمال المعلم للأُبِّي (٥/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>