وَفِي أُخرَى: فَاستَحيَيَت، وَفِيَهَا: جَراب فيه شحم وطعام.
رواه أحمد (٣/ ٣١١)، والبخاري (٣١٥٣)، ومسلم (١٧٧٢)(٧٢ و ٧٣)، وأبو داود (٢٧٠٢)، والنسائي (٧/ ٢٣٦).
* * *
ــ
والجمهور. وقال ابن المنذر والخطابي: إن هذا مما لم يختلف أهل العلم فيه، إلا أن الأوزاعي شرط في هذا إذن الإمام.
واختلفوا فيما قل قدره مما يحتاج إليه، كالجلد يقطعه خفافًا أو نعالًا؛ فأجازه مالك وغيره، وأحمد. ومنع ذلك الشافعي، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: وعليه قيمته إن تلف، وأجرة استعماله، وما نقصه الانتفاع. ولم يختلف فيما بيع من طعام أو غيره: أن ثمنه مغنم.
وتبسُّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما كان لما رأى من شدَّة حرص ابن مغفل على أخذ الجراب، ومن ضنته به.
وفيه ما يدل: على جواز أكل شحوم اليهود المحرمة عليهم. وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي وكافة (١) العلماء، غير أن مالكًا كرهه للخلاف فيه. وحكى ابن المنذر عن مالك تحريمها، وإليه ذهب كبراء أصحاب مالك. ومتمسَّك هؤلاء: أن ذكاتهم لم تعمل في الشحم، كما عملت في اللحم؛ لأن الذكاة تتبعَّض عندهم. والحديث حجَّة عليهم.
وفيه دليل: على جواز ذبائح أهل الكتاب. وقد أجمع أهل العلم على ذلك إذا ذكروا اسم الله عليها. وأكثر العلماء على أن المراد بقوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُم} ذبائحهم، إلا ما روي عن ابن عمر من كراهتها على ما حكاه الداودي عنه، والمعروف عن ابن عمر: لا تؤكل ذبائحهم ما لم يسمُّوا الله عليها. وقد ذهب مالك، والليث، والثوري، والنخعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي: إلى كراهة ما أهلّوا به لغير الله من اسم المسيح، أو كنائسهم، وأشباهها. وأباحه