للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَبَّاسٌ: وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغلَةِ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، أَكُفُّهَا إِرَادَةَ أَن لَا تُسرِعَ، وَأَبُو سُفيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: أَي عَبَّاسُ، نَادِ أَصحَابَ السَّمُرَةِ. فَقَالَ عَبَّاسٌ، وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا، فَقُلتُ بِأَعلَى صَوتِي: أَينَ أَصحَابُ السَّمُرَةِ؟ قَالَ: فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّ عَطفَتَهُم حِينَ سَمِعُوا

ــ

ذلك. وقيل: إنما رد حيث لم تكن فيه مصلحة للمسلمين، وقيل حيث كان فيه ذلك. وقيل: إنما رد (١) ما أهدي له في خاصة نفسه، وقبل ما علم منه خلاف ذلك؛ قاله الطبري. قال (٢): ولا حجة لمن احتج بنسخ أحد الحديثين للآخر؛ إذ لم يأت في ذلك بيان. وقيل: إنما قبل هدية أهل الكتاب؛ إذ قد أبيح لنا طعامهم، ورد هدايا المشركين؛ إذ لم يبح لنا ذلك منهم. وأشبه هذه الأقوال قول من قال بالاستئلاف والمصلحة. والكل محتمل. والله تعالى أعلم.

وركوبه -صلى الله عليه وسلم- البغلة في ذلك الموطن مبالغة في الثبات، والصبر، ويدل على العزم على عدم الفرار كما قد فعل حين انهزم الناس عنه، وهو مقبل على العدو، يركض بغلته نحوهم. وقد زاد على ذلك، كما ذكر في الرواية الأخرى: إنه نزل بالأرض على عادة الشجعان في المنازلة. وهذا كله يدل: على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان أشجع الناس وأثبتهم في الحرب، ولذلك قالت الصحابة رضي الله عنهم: إن الشجاع منا للذي يلوذ بجانبه.

و(السمرة): هي شجرة الرضوان التي بايعه تحتها أصحابه (٣) بيعة الرضوان بالحديبية. وكانوا بايعوه على ألا يفرُّوا، فلما سمعوا النداء، تذكروا العهد، فارتجعوا رجعة واحدة، كرجل واحد، وهم يلبون النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولسرعة رجعتهم


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٢) غير مثبتة في (هـ) و (م).
(٣) كذا في (ع) وفي بقية النسخ: أصحاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>