للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: انهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ. قَالَ: فَذَهَبتُ أَنظُرُ، فَإِذَا القِتَالُ عَلَى هَيئَتِهِ فِيمَا أَرَى، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَن رَمَاهُم بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلتُ أَرَى حَدَّهُم كَلِيلًا، وَأَمرَهُم مُدبِرًا.

وَفِي رواية: انهَزموا ورب الكعبة! انهزموا ورب الكعبة! حتى هزمهم الله. قال: وكأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركض خلفهم على بغلته.

رواه أحمد (١/ ٢٠٧)، ومسلم (١٧٧٥) (٧٦ و ٧٧).

ــ

وقود النار، واستعاره هنا لشدة الحرب. وهذا نحو قوله تعالى: {كُلَّمَا أَوقَدُوا نَارًا لِلحَربِ أَطفَأَهَا اللَّهُ} وهذه الاستعارة العجيبة لا يُعرف من تكلم بها قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- من العرب، ومنه تلقيت فصيرت مثلًا في الأمر إذا اشتد، قاله ابن الأعرابي. وقال الأصمعي: الوطيس: الحجارة المحمَّاة. وعلى هذا فهو جمع وطيسة. وقال أبو عمر المطرّز: هو التنور. وحينئذ لا يكون جمعًا.

ورميه -صلى الله عليه وسلم- في وجوه الكفار بالتراب، وإصابته أعين جميعهم من أعظم معجزاته؛ إذ ليس في قوة البشر إيصال ذلك إلى أعينهم، ولا يسع كفه ما يعمهم، وإنما كان ذلك من صنع الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك قال تعالى: {وَمَا رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} وكذلك قوله: (انهزموا ورب الكعبة) قبل وقوع الهزيمة، هو من معجزاته الخبرية، فإنه خبر عن الغيب.

وقوله: (شاهت الوجوه) - على ما في حديث سلمة -: خبر معناه: الدعاء؛ أي: اللهم شوّه وجوههم. أو هو: خبر عما يحل بهم من التشويه عند القتل، والأسر، والانتقام.

و(الحسر): جمع حاسر، وهو الذي لا درع معه، ولا شيء يتقي به النبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>