وقوله:(وجعل أبا عبيدة على البياذقة)؛ البياذقة: هم الرَّجالة. وأصله بالفارسية: أصحاب ركاب الملك. وقد رواه بعضهم:(السَّاقة) وفيها بُعد. وبعضهم قال:(الشارفة)؛ أي: المشرفة. وهي تصحيف. والأُولى هي الصواب. وفي رواية أخرى:(الحسر) مكان (البياذقة) وهو جمع حاسر. وهو هنا: الذي لا درع معه. وهذا الوصف صادق على الرَّجالة؛ فإنهم كذلك غالبًا.
وقوله:(وبطن الوادي) منصوب بفعل مضمر؛ أي: وجعل طريقه بطن الوادي، كما جاء مفسَّرًا في الرواية، ولا يجوز خفضه؛ لأنه يلزم منه أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل أبا عبيدة على سكان بطن الوادي. وذلك غير مراد قطعًا.
ونداؤه -صلى الله عليه وسلم- للأنصار خاصة: إما لأن المهاجرين كانوا حضورًا معه، فلم يحتج إلى ندائهم، وإما ليظهر لهم شدة اعتنائه بهم، وتعويله عليهم. ويظهر لي: أن اختصاصه بالأنصار في هذا الموضع، وقوله:(لا يأتيني إلا أنصاري)؛ كما جاء في الرواية الأخرى، إنما كان لأنه وصَّاهم بقتل من تعرض لهم من قريش؛ إذ لا قرابة، ولا رحم بينهم، فلا موجب للعطف عليهم، بخلاف المهاجرين؛ فإن بينهم قرابات وأرحامًا، فلا جرم لما سمعت الأنصار أمره مضوا لذلك، فلم يتعرض لهم أحد إلا أناموه؛ أي: قتلوه، فصيروه كالنائم. والله تعالى أعلم.
و(أوباش قريش): أخلاطهم. وفي الرواية الأخرى: ووبشت قريش أوباشًا لها؛ أي: جمعت جموعًا من قبائل مختلفة. ويقال: أوباش وأوشاب. بمعنى