إن الألى فارقت عن غير قلًى ... ما زاغ قلبي عنهم ولا هفا
ويكون خبر (إن) محذوفًا، تقديره: إن الذين بغوا علينا ظالمون. وقيل: إن هذا تصحيف من بعض الرواة، وإن صوابه:(أولاء) ممدود، التي لإشارة الجماعة. وهذا صحيح من جهة المعنى والوزن. والله تعالى أعلم.
وغير خاف ما في هذا الحديث من الفقه؛ من جواز التحصن، والاحتراز من المكروهات، والأخذ بالحزم، والعمل في العادات بمقتضاها، وأن ذلك كله غير قادح في التوكل، ولا منقص منه (١)، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- على كمال المعرفة بالله تعالى، والتوكل عليه، والتسليم لأمره، ومع ذلك فلم يطرح الأسباب، ولا مقتضى العادات على ما يراه جُهّال المتزهدين أهل الدّعاوى الممخرقين.
وقد يستدل بإنشاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه هذه الأسجاع وأشباهها أهل المجون والبدع من المتصوّفة على إباحة ما أحدثوه من السَّماع المشتمل على مناكر لا يرضى بها أهل المروءات -فكيف بأهل الديانات؟ ! - كالطارات، والشبابات، واجتماع المغاني وأهل الفساد والشبَّان، والغناء بالألحان، والرقص بالأكمام، وضرب الأقدام، كما يفعله الفسقة المُجَّان. ومجموع ذلك يعلم فساده وكونه معصية من ضرورة الأديان، فلا يحتاج في إبطاله إلى إقامة دليل ولا برهان. وقد كتبنا في ذلك جزءًا حسنًا سميناه: كشف القناع عن حكم مسائل الوجد والسَّماع.
وقولهم:(نحن الذين بايعوا محمدًا ... على الجهاد ما بقينا أبدًا)؛ تذكير منهم