للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ لَهُ، وَذَكَرَ مَا بَينَهُمَا، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَد أَرَادَ صَدَقَةً، وَقَد عَنَّانَا، فَلَمَّا سَمِعَهُ قَالَ: وَأَيضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قَالَ: إِنَّا قَد اتَّبَعنَاهُ الآنَ وَنَكرَهُ أَن نَدَعَهُ حَتَّى نَنظُرَ إِلَى أَيِّ شَيءٍ يَصِيرُ أَمرُهُ، قَالَ: وَقَد أَرَدتُ أَن تُسلِفَنِي سَلَفًا، قَالَ: فَمَا تَرهَنُنِي؟ تَرهَنُنِي نِسَاءَكُم، قَالَ: أَنتَ أَجمَلُ العَرَبِ، أَنَرهَنُكَ نِسَاءَنَا؟ قَالَ: تَرهَنُونِي أَولَادَكُم، قَالَ: يُسَبُّ ابنُ أَحَدِنَا فَيُقَالَ: رُهِنَ فِي وَسقَينِ مِن تَمرٍ، وَلَكِن نَرهَنُكَ اللَّأمَةَ. (يَعنِي السِّلَاحَ) قَالَ: نَعَم. وَوَاعَدَهُ أَن يَأتِيَهُ بِالحَارِثِ، وَأَبِي عَبسِ بنِ جَبرٍ، وَعَبَّادِ بنِ بِشرٍ، قَالَ: فَجَاؤوا فَدَعَوهُ لَيلًا، فَنَزَلَ إِلَيهِم.

وفي رواية: قَالَت امرَأَتُهُ: إِنِّي لَأَسمَعُ صَوتًا كَأَنَّهُ صَوتُ دَمٍ، قَالَ:

ــ

وقوله: (إن هذا الرجل قد أراد صدقة، وقد عنانا)؛ هذا الكلام ليس فيه تصريح بأمان، بل هو كلام ظهر لكعب منه: أن محمد بن مسلمة ليس محققًا، ولا مخلصًا في اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا في الكون معه، ولذلك أجابه بقوله: وأيضًا والله لتمَلُّنَّه. وكلام محمد من باب المعاريض، وليس فيه من الكذب، ولا من باب الباطل شيء، بل هو كلام حق، فإن محمدا -صلى الله عليه وسلم- رجل، لكن أي رجل، وقد أراد صدقةً من أمته، وأوجبها عليهم، وقد عنَّاهم بالتكاليف. أي: أتعبهم، لكن تعبًا حصل لهم به خير الدنيا والآخرة. وإذا تأملت كلام محمد هذا؛ علمت أن محمد بن مسلمة من أقدر الناس على البلاغة، واستعمال المعاريض، وعلى إعمال الحيلة، وأنه من أكمل الناس عقلًا ورأيًا.

وقوله: (يسبُّ ابن أحدنا) من السَّب، وهو الصواب، وصحيح الرواية، وقد قيده الطبري: (يَشِبُّ) من الشباب، بالشين المعجمة، وهو تصحيف؛ وإنما عيَّن السلاح للرهن؛ لئلا ينكرها إذا جاؤوا بها.

وقول امرأة كعب: (إني لأسمع صوتًا كأنه صوت دم)؛ أي: صوت طالب

<<  <  ج: ص:  >  >>