للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَلحَقُ رَجُلًا مِنهُم، فَأَصُكُّ سَهمًا فِي رَحلِهِ، حَتَّى خَلَصَ النَصلُ إِلَى كتفه.

قَالَ: قُلتُ خُذهَا:

وَأَنَا ابنُ الأَكوَعِ ... وَاليَومُ يَومُ الرُّضَّعِ

قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا زِلتُ أَرمِيهِم، وَأَعقِرُ بِهِم، فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ أَتَيتُ شَجَرَةً فَجَلَستُ فِي أَصلِهَا ثُمَّ رَمَيتُهُ، فَعَقَرتُ بِهِ، حَتَّى إِذَا تَضَايَقَ الجَبَلُ، فَدَخَلُوا فِي تَضَايُقِهِ، عَلَوتُ الجَبَلَ فَجَعَلتُ أُرَمِّيهِم بِالحِجَارَةِ، قَالَ: فَمَا زِلتُ كَذَلِكَ أَتبَعُهُم حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن بَعِيرٍ مِن ظَهرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا خَلَّفتُهُ وَرَاءَ ظَهرِي، وَخَلَّوا بَينِي وَبَينَهُ، ثُمَّ اتَّبَعتُهُم أَرمِيهِم حَتَّى أَلقَوا أَكثَرَ مِن ثَلَاثِينَ بُردَةً وَثَلَاثِينَ رُمحًا، يَستَخِفُّونَ وَلَا يَطرَحُونَ شَيئًا إِلَّا جَعَلتُ عَلَيهِ آرَامًا مِن الحِجَارَةِ، يَعرِفُهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَأَصحَابُهُ، حَتَّى أَتَوا مُتَضَايِقًا

ــ

عن كل لئيم بذلك. وعليه قالوا في المثل: لئيم راضع. وقيل: لأنه يرضع اللؤم من أمه، وهو مطبوع عليه. وقيل: معناه: اليوم يظهر من أرضعته كريمة أو لئيمة. وقيل: اليوم يعرف من أرضعته الحربُ من صغره.

وقوله: (فأصك سهمًا في رَحله، حتى خلص نصل السهم إلى كتفه)؛ كذا روايتنا فيه، بالحاء المهملة. ويعني به: أن سهمه أصاب أخرة رحله، فنفذها، ووصل (١) إلى كتفه. وفي بعض النسخ: (فأصكه سهمًا في رجله حتى خلص إلى كعبه)، والأول أشبه. و (أصك): أضرب. و (ألحق) و (أصك): مضارعان، ومعناهما: المضي.

وقوله: (فما زلت أرميهم)؛ أي: أرميهم بالسهام (وأعقر بهم) خيلهم، ومنه (فعقر بعبد الرحمن فرسه)، ويحتمل أن يكون معناه: أصيحُ بهم، من قولهم: رفع


(١) في (ل): ودخل.

<<  <  ج: ص:  >  >>