للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِن أَجرٍ أَو غَنِيمَةٍ، وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! مَا مِن كَلمٍ يُكلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ كَهَيئَتِهِ حِينَ كُلِمَ. . .

ــ

ضمن له إحدى الحسنيين؛ إما الشهادة، فيصير إلى الجنة حيًّا يرزق فيها، وإما الرجوع إلى وطنه بالأجر والغنيمة.

وقوله: (نائلا ما نال من أجر أو غنيمة)؛ كذا لأكثر الرواة، بـ (أو) وهي هنا بمعنى الواو الجامعة على مذهب الكوفيين، وأنشدوا:

نال الخلافة أو كانت له قدرًا ... كما أتى ربه موسى على قدر (١)

وقد دلَّ على هذا المعنى رواية أبي داود لهذه اللفظة، فإنه قال فيها: (من أجر وغنيمة) بالواو الجامعة. وقد رواه بعض رواة كتاب مسلم بالواو. وذهب بعض العلماء إلى أنها (أو) على بابها لأحد الشيئين، وليست بمعنى الواو. وقال: إن الحاصل لمن لم يستشهد من الجهاد أحد الأمرين: إما الأجر؛ إن لم يغنم، وإما الغنيمة ولا أجر. وهذا ليس بصحيح؛ لما يأتي من حديث عبد الله بن عمرو: أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من غازية تغزو فيصيبوا ويغنموا إلا تعجلوا ثلثي أجورهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث) (٢)، وهذا نص في أنَّه يحصل له مجموع الأجر والغنيمة. فالوجه: التأويل الأول. والله تعالى أعلم.

وقوله: (ما من كلم يكلم في سبيل الله)؛ أي: ما من جرح يجرح في الجهاد الذي يبتغى به وجه الله.

وقوله: (إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم)؛ فيه دليل: على أن الشهيد لا يغسل. وهو قول الجمهور. وقد تقدم في الجنائز.


(١) هذا البيت لجرير بن عطية، يمدح الخليفة عمر بن عبد العزيز.
(٢) رواه مسلم (١٩٠٦)، وأبو داود (٢٤٩٧)، والنسائي (٦/ ١٧ و ١٨)، وابن ماجه (٢٧٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>